الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا حرج في تخصيص بعض الأبناء بشيء لحاجتهم

السؤال

أنا من عائلة مكونة من 5 أخوات وأخ وأنا والوالدين، والجميع متزوجون، والوضع المادي لأبي والحمد لله ميسر وبنعمة وفضل، فقام والدي ببناء منزل منفصل من طابقين لأسكن أنا وأخي فيه، حيث إنني طالب في السنة الأخيرة من الجامعة، أبي بعد أن بنى هذا المنزل أصبح قلقا بشأن العدل بيننا وبين أخواتنا؛ حيث إنه يظن أنه يظلمهن بأن أمَّن لنا منزلا ولم يؤمِّن لهن- مع العلم أن جميع أخواتي متزوجات ولهن منازل مع أزواجهن. ولذلك رفض أن ينقل ملكية المنزل لي ولأخي.
والدي يظن أنه يجب أن يضع علينا إيجارا ندفعه بدلا عن السكن بالمنزل- ليس من باب أنه يريد المال ولكن من باب أنه يخشى أن يظلم أخواتي.
فالسؤال: ما حكم أن أسكن في منزل بناه والدي ليس للربح والأجر مع العلم بأن أبي لم يقدم مثل هذه الفرصة لكل أخواتي ؟ وهل دفع أجر لوالدي بدل السكن هو الحل الأنسب الذي تقدمه الشريعة للعدل بيني أنا وأخي وبقية أخواتي؟
"مع العلم بأن والدي لم يطلب منا دفع المال بشكل مباشر وإنما يخصم من حصتنا من الميراث"
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فتخوف أبيكم من ظلم بناته تخوف في محله، لأن الأصل كون الأب مأمورا بالعدل بين أبنائه ذكوراً كانوا أو إناثاً، سواء كان ذلك في الهبة أو المنافع، واختلف أهل العلم هل ذلك على الندب؟ وهو ما ذهب إليه الجمهور، أو على الوجوب؟ وهو ما ذهب إليه الحنابلة، وهو مانراه راجحا، لقوله صلى الله عليه وسلم لمن أراد إشهاده على عطية خصَّ بها بعض ولده: فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور. رواه مسلم. وانظر الفتوى رقم: 6242.

لكن لو خص الأب بعض أبنائه أوبناته بعطية ونحوها لمسوغ شرعي جاز حتى عند القائلين بوجوب التسوية.

قال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: فإن خص بعضهم لمعنى مثل: اختصاصه بحاجة، أو زمانة، أو عمى، أو كثرة عيال، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو كونه يستعين بما يأخذه على معصية الله تعالى، أو ينفقه فيها، فقد روي عن الإمام أحمد جواز ذلك. اهـ
وعلى هذا؛ فلا حرج على أبيكم - إن شاء الله تعالى - في عريته للسكن لكما لتنتفعا به ولو دون بذل أجرة لحاجتكما إليه واستغناء أخواتكما عنه بسكنهن مع أزواجهن، فكان التفضيل هنا لمسوغ معتبر فلا حرج فيه، ولا يجب عليه إلزامكما بدفع أجرة عوضا عنه.

وأما كون الأجرة تحتسب من نصيبكما في الميراث فلا اعتبار لذلك؛ لأنكما لا تملكان الميراث إلا بعد موت المورِّث، ولا يصح منكما التصرف فيه قبل ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني