السؤال
مشايخي الفضلاء: نشر كثير من الإخوة هذه الأيام مقولة الإمام بن عبد البر رحمة الله عليه وهي تخص حالق اللحية وأنه لا يحلق لحيته إلا المخنثون من الرجال، فهل مثل هذا اللفظ يجوز ذكره في هذا العصر الذي انطفأت فيه اللغة العربية الفصحى فقد يفهم العوام أن معنى مخنث هو اللوطي ـ والعياذ بالله ـ فيكون سببا في نفرتهم عن منهج أهل السنة والله المستعان؟ فما قولكم جزاكم الله خيرا ونفع بعلمكم؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الله تعالى أن ندعو إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس من الحكمة أن نطلق هذه العبارة على كل من يحلق لحيته، لما قد يترتب على هذا الإطلاق وهذا التعميمم من المفاسد، ومن أمثل ما ننقله هنا فتوى العلامة الشيخ ابن باز إذ سئل: ما حكم حلق اللحية في حق العسكري الذي يؤمر بذلك؟ وما حكم من قال في حق المحلوق إنه مخنث؟ من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ ... المكرم وفقه الله، آمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بعده: كتابكم المؤرخ 4 / 8 / 1395هـ وصل وصلكم الله بهداه وما تضمنه من الأسئلة كان معلوماً، وهذا نصها وجوابها: الأول: ما حكم حلق اللحية في حق العسكري الذي يؤمر بذلك؟ وما حكم من قال في حق المحلوق أنه مخنث؟ والجواب: حلق اللحية لا يجوز وهكذا قصها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين ـ وقوله عليه الصلاة والسلام: جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس، والواجب على المسلم طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء، لقول الله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ[1]الآية، وأولي الأمر هم: الأمراء والعلماء والواجب طاعتهم فيما يأمرون به ما لم يخالف الشرع، فإذا خالف الشرع ما أمروا به لم تجب طاعتهم في ذلك الشيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الطاعة في المعروف، وقوله عليه الصلاة والسلام: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وحكومتنا بحمد الله لا تأمر الجندي ولا غيره بحلق اللحية، وإنما يقع ذلك من بعض المسئولين وغيرهم، فلا يجوز أن يطاعوا في ذلك، والواجب أن يخاطبوا بالتي هي أحسن وأن يوضح لهم أن طاعة الله ورسوله مقدمة على طاعة غيرهما، أما قول بعض الوعاظ: أن حالق لحيته مخنث، فهذا كلام قاله بعض العلماء المتقدمين ومعناه المتشبه بالنساء، لأن التخنث هو: التشبه بالنساء، وليس معناه أنه لوطي كما يظنه بعض العامة اليوم، والذي ينبغي للواعظ وغيره أن يتجنب هذه العبارة، لأنها موهمة، فإن ذكرها فالواجب بيان معناها حتى يتضح للسامعين مراده، وحتى لا يقع بينه وبينهم ما لا تحمد عقباه، ولأن المقصود من الوعظ والتذكير هو إرشاد المستمعين وتوجيههم إلى الخير وليس المقصود تنفيرهم من الحق وإثارة غضبهم.
والله أعلم.