الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الموسوس إن لم يعرض عن الوساوس فسيستمر شقاؤه وعناؤه

السؤال

أرجوكم ساعدوني: أعيش في هم وحزن ولا أجد من يعطيني إجابة شافية وعندي عدة مشاكل تجعل علي العبادات شاقة جدا ورغم أني قرأت فتاوى عديدة جدا في هذا الموقع وغيره وطرحت العديد من الأسئلة، والمصيبة هي أنني كلما أتعلم شيئا جديدا في الدين تزداد العبادات علي مشقة وصعوبة وتكثر الوساوس ولا أجد بجواري من أثق بفتاواه ليطمئن قلبي، ولكنني أثق بهذا الموقع لكن ما لم أشعر بأن المفتي علم حالي بالضبط لا يطمئن قلبي بالفتوى، فكم أتمنى كوني بجواركم وكوني أعيش مع علماء متورعين, تكون لي العبادات في غاية السهولة، لأنني الآن أعيش في جحيم وأفقد اللذة، والأجوبة التي تنصحني بعدم الالتفات لم تعد تفيدني لأني أظن دائما أن المفتي لم يفهم حالي, فالرجاء أجيبوا على أسئلتي بدقة رغم أنني قرأت الكثير من الفتاوى هنا: بعد التبول تبقى قطرات يسيرة جدا تعلق في رأس الذكر ولا تنتهي حتى بعد فوات ما بين 30 و45 دقيقة بالرغم من أنني لا أشعر بها تخرج ولكن عند التفتيش أراها وأظن أنها ودي وقال لي الأطباء إن هذا شيء طبيعي ويذهب بعد النكاح، فبعد ساعة من التبول أعود إلى المرحاض وأغسل ذكري وأمكث طويلا هناك لأنني بعد غسل الذكر وتنشيفه كثيرا تخرج قطرات أظنها بقايا ماء الاستنجاء ولا أدري لماذا تدخل وتخرج بعد قليل بالرغم من حرصي على عدم إدخالها في الذكر، لأنني قرأت بأنها إذا خرجت تكون نجسة وتنقض الوضوء، وهذا يرهقني صحيا ومعنويا وأبكي كثيرا وأصبحت حياتي حزينة وتفسد أيضا علي الدعوة لأني أري الناس بأن الدين عسر، سألت سؤالا هنا مثل هذا وأشكركم على الإجابة, لكن الوساوس مازالت لدي وما أراه من قطرات ليس بوهم ولا أدرى كيف يتوهم الشخص أنه يرى قطرات وليس هناك شيء، هناك مشكلة أخرى ترهقني وهي أنني عند فحصي للذكر أجد أحيانا رطوبة يسيرة تلمع في جانبي الفتحة أو وسطها ولا أدري ما حكمها وهل هي في الداخل أم في الخارج؟ مع العلم أنني لا أفتح الذكر لكي أراها، بل تظهر وحدها، ومع إصراري على الغسل والمسح تزول, وأتوضأ قبل دخول وقت كل صلاة بعشر دقائق، لأنني أظن أنه لا يخرج شيء في هذه المدة وحتى إذا خرج مني شيء بعد دخول الوقت لا ينتقض وضوئي كحكم السلس, لكن كل هذا شاق علي جدا مع مرور الوقت لأنني أمضي وقتي في المرحاض أعلم ماذا قال شيخ الإسلام عن البول الواقف في الذكر ولكن ما أراه أنا لا أظن أنه بول في الداخل ولكن ربما تكون مادة طبيعية موجودة في رأس الذكر وتظهر من الخارج عندما يكبر الذكر قليلا وتتوسع الفتحة، فهل هذا صحيح؟ وهل أتجاهله؟ وأخيرا مشكلة أخرى تجعلني أيضا أتوضأ قبل كل وقت ب10 دقائق، وهي أنني أمسح دبري بمنديل قبل كل صلاة، لأنني أحيانا أجد فيه يسير البراز وأخشى إن صليت العشاء بوضوء المغرب، فهناك احتمال معتبر بأن وضوئي قد انتقض بخروج قليل من البراز، لأنه يخرج أحيانا دون شعوري به، وفي معظم الأحيان لا أجده قد خرج ولكن أعيد الوضوء أيضا، لأنني لمست دبري بالمنديل الرقيق عند مسحه فلا أدري إن كان الحائل الرقيق بين اليد والفرج ينقض الوضوء أيضا أم لا، فهل لي عدم إعادة الوضوء؟ وماذا لو خرج شيء وصليت بدون طهارة؟ لأنني إذا تجاهلت هذا لا بد من وقوع صلوات بدون طهارة بعض المرات، قرأت هنا حالة تشبه حالتي هذه لكن لم أفهم هل لي تجاهل هذا وأصلي صلاة يحتمل كونها بغير وضوء؟ الرجاء أفيدوني إخوتي لأني في معيشة ضنك.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما، واعلم ـ عافاك الله ـ أننا ندري ما تعاني منه ونفهم مسألتك على وجهها، وما ننصحك به هو العلاج الأمثل لك، فإن رفضت تعاطي هذا العلاج فستظل تعيش في هذا العناء والشقاء، فارفق بنفسك أيها الأخ الكريم واعلم أن الله تعالى رحيم بعباده لطيف بهم وأنه إنما يحاسبنا على التزامنا بما شرعه لنا لا على ما في نفس الأمر، فلو أنك عملت بما شرعه الله لك من الإعراض عن هذه الوساوس لم يضرك إن كان لها حقيقة أو لا، لأنك فعلت ما أمرك الله به، فاسمع نصيحتنا واستجب لها وابدأ في تنفيذها فورا وهي أن تعرض عن كل هذه الوساوس ولا تلتفت إلى شيء منها، ولا تفتش عن شيء من الخارج مما تتوهمه وليس عندك يقين بخروجه سواء كان ما شككت في خروجه بولا أو وديا أو غائطا، ولا تعد الوضوء لمجرد شكك في خروج شيء، ولا ينتقض وضوؤك بمس الدبر من وراء حائل ولو كان هذا الحائل المنديل الورقي، ولا تعد الاستنجاء والوضوء إلا إذا حصل لك يقين جازم تستطيع أن تحلف عليه بأنه قد خرج منك ما يوجب ذلك، وأما ما يتعلق بالودي فقد أجبناك عنه في الفتوى رقم: 184055.

وأما هذه اللمعة المسؤول عنها: فما دام يوجد احتمال أنها ليست نجسا خارجا من الذكر فلا يجب عليك الاستنجاء ولا الوضوء منها، ولا تجهد نفسك في النظر والبحث والتفتيش وعش حياتك بصورة طبيعية دون التفات إلى ما يلقيه الشيطان في قلبك من هذه الوساوس، لأنه إنما يريد أن يحرجك ويشق عليك ويفسد عليك حياتك ويصدك عما ينفعك من الاجتهاد في عبادة ربك تعالى، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني