الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من صور التحايل لأكل الأموال العامة بغير حق

السؤال

أعمل في دائرة حكومية في العراق تابعة لإحدى وزارات الدولة، وبين الحين والآخر تقوم دائرتي بعمل لجنة مشتريات ـ بمختلف أنواعها وتقوم بوضع اسمي في هذه اللجنة كرئيس لها أحيانا، وكعضو أحيانا أخرى، مع العلم أن عملية وضع اسمي تتم بدون موافقتي، حيث إن هذه اللجنة تقوم بسحب مبلغ من خزينة الوزارة مقداره على سبيل المثال 10 ملايين دينار لغرض شراء أجهزة مكتبية، ثم تقوم فعلا بشراء هذه الأجهزة بكلفة 7 ملايين دينار، وتقدم وصولات شراء بكلفة 10 ملايين دينار، وبالتالي فإن المبلغ المتبقي ـ وهو 3 ملايين دينار ـ يتم توزيعه بين أعضاء اللجنة، وسؤالي هو: هل يجوز لي أن أقبل بالحصة التي ستقع لي من ـ 3 ـ ملايين دينار؟ أم أرفضها؟ مع العلم أنني في حال رفضت المشاركة في هذه اللجنة فستقوم دائرتي باتخاذ إجراءات عدة بحقي مثل نقلي إلى إحدى المحافظات الجنوبية أو الشمالية التي تبعد 600 كلم عن محافظتي أو تشديد التعامل معي، أو بمعنى أدق محاربتي بالتعامل الصارم في كل الأمور مثل الإجازات، ملاحظة: أنا متزوج ولدي بنتان وأسكن دارا للإيجار وبحاجة ماسة لهذه الأموال التي تأتي من هذه اللجان، لكنني حاليا أمتنع عن استلامها حتى يتبين لي حلها من حرامها، فأرجو بيان جواز هذه الأموال من عدمه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذه الزيادة المضافة إلى سعر المشتريات إنما هي تحايل صريح على أكل الأموال العامة بغير حق شرعي، لأن الوزارة إنما دفعت المبلغ على أنه بمجموعه ثمن لتلك المشتريات، وقد شدد الشارع النكير على أكلة المال العام بغير حله، ففي البخاري: عن خولة الأنصارية قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة.

فلا يجوز أخذ شيء من هذه الزيادة، ولا التعاون معهم في صفقة يجري فيها هذا التحايل، لأنه من التعاون على الإثم والعدوان، وما ذكرت من الضرر الذي يلحقك عند إعراضك عن أخذ الحصة، وما ذكرت بعد ذلك من حاجتك إلى هذه الحصة كل هذا لا نراه مسوغا لأكل المال الحرام، وإنما هو وساوس من الشيطان يغري بها الناس، ثم إننا نذكرك أن أبواب الرزق الحلال كثيرة، إذا ضاق منها باب اتسع باب، ومن ترك شيئا لله تعالى عوضه الله خيرا منه، وما كان حلالا طيبا ولو كان قليلا خير مما كان كثيرا محرما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني