السؤال
حدث شجار بيني وبين زوجي أدى إلى تلفظ زوجي بالطلاق مرتين وراء بعضهما، ثم قالي لي أنت بهذا تكونين محرمة علي، فزاد الشجار بيننا إلى حد كبير، ولم أخبر أهلي بما حدث حيث إن الخلاف وقع بالأمس، وفي صباح اليوم التالي ذهب زوجي إلى صلاة الجمعة، وبعد الصلاة سأل أحد المشايخ فقال له إن ذلك أوقع الطلاق مرة واحدة، فعلم من زوجي أنه كان يقصد بالثانية تأكيد الأولى وطلب منه الرجعة، وعندما جاء أخبرني بما سبق، وقال لي إنه يحق له الرجوع دون علم ولي الأمر أو علمي طالما بقيت في فترة العدة، فهل هذه الفتوى صحيحة؟ وهل أخبر أهلي بما حدث، علما بأنهم لو علموا فسيقومون بتطليقي ولن تتم المحافظة على البيت؟ وقد قاموا بتوبيخي لأنني أرفض أن أذهب إليهم وأترك مسكن الزوجية أثناء الشجار، وأمي غاضبة مني الآن ولا تريد أن تتحدث معي، فماذا أفعل؟ وهل ما فعلته صحيحا من عدم تركي لبيتي؟ وهل فعلا عندما يتم عمل كفارة لليمين لا يتم تعدده بثلاث طلقات، حيث إن زوجي قد حلف علي في شيء ما وقام بالكفارة بإطعام مساكين وهو يقول لي إن ذلك كأن لم يكن، الرجاء الرد مع وجود الدلائل العلمية.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد سأل بعض أهل العلم فأفتاه بوقوع طلقة واحدة رجعية، فمن حق زوجك أن يراجعك قبل انقضاء عدتك دون حاجة إلى علم أهلك، بل ولا حاجة إلى رضاك أو علمك، كما بيناه في الفتوى رقم: 106067.
وقد نص أهل العلم على أن الزوج إذا كرر لفظ الطلاق للتأكيد ولم يقصد إلا واحدة فلا يقع إلا طلقة واحدة، قال ابن قدامة رحمه الله: فإن قال أنت طالق طالق طالق، وقال أردت التوكيد، قبل منه.
وقال رحمه الله: وإذا قال لمدخول بها أنت طالق، أنت طالق، لزمه تطليقتان إلا أن يكون أراد بالثانية إفهامها أن الأولى قد وقعت بها أو التأكيد لم تطلق إلا واحدة....
وإذا كان زوجك قد حلف عليك بالطلاق ثم حنث فالجمهور على وقوع الطلاق عند الحنث ـ وهو المفتى به عندنا ـ خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ الذي يرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع المحلوف عليه، لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق، وانظري الفتوى رقم: 11592.
وعليه، فإن كان زوجك قد عمل بقول ابن تيمية في يمينه وكفر عنه كفارة يمين فلا حرج عليه، فإنه يجوز العمل بقول عالم ثقة لمن يطمئن إلى صحة قوله وليس متبعا لهواه أو متلقطا للرخص، وانظري التفصيل في الفتاوى التالية أرقامها: 5583، 12347، 35277.
وقد أصبت بعدم الخروج من البيت بعد الطلاق الرجعي، فالواجب على المطلقة الرجعية لزوم بيت زوجها حتى تنتهي عدتها لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ {الطلاق:1}.
وأما إخبار أهلك بما وقع من زوجك من الطلاق فلا حاجة له، بل لا ينبغي ذلك ما دام ستترتب عليه مفسدة، واعلمي أن طاعة الزوج أوجب من طاعة الوالدين، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. اهـ
و قال ابن تيمية رحمه الله: الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ.
والله أعلم.