السؤال
عندما يكون المرء لديه موهبة معينة فما حكم الدين في إهماله لها وعدم تنميتها؟ وما حكم الآباء إذا لم يساعدوا ابنهم على عدم تنمية هذه الموهبة، بل إنهم وقفوا عائقا أمامها؟ أعاني من هذه المشكلة فلدي موهبة الكتابة منذ الصغر ولم يدعمني أحد بتقديم الكتب للقراءة حتى كبرت وعرفت شخصيا أماكن بيع الكتب وعكفت على شرائها وقراءتها، كنت وما زلت أشتريها من مصروفي ولا أشتكي من ذلك ـ والحمد لله ـ لكن أشتكي من نظرتهم لتلك الكتب وتفوههم بهذا الرأي، إنهم يعتبرونها مجرد أوراق لا تستحق أثمانها ويقللون دائماً من قيمتها ومن قيمة القراءة، وأبي يرى القراءة فقط للقرآن والسنة وفي مشاجرة قريبة نهرني بشدة عن الكتابة والقراءة وقال لي هذه الكشاكيل التي تكتب فيها أشتريها لك لتذاكر فيها لا لتكتب فيها ما تكتبه وهذه الكتب لا أعطيك المال لتشتريها، علما بأنه لو نظر لمصروف أخي لوجده ينفق على العطور والشامبهوات وأدوات التجميل، وأنا أرى أنني طالما لم أصرفها في حرام وهو قد أعطى أخي مثل ما أعطاني فمن حقي أن أشتري هذه الكتب وأشترى هذه الكشاكيل، ومن حقي أن أنمي موهبتي، وهذه الموهبة تندرج في إطار العمل وليس الكسل كما يظن فهل كل عمل يجب أن يجنى منه المال؟ أعرف أن ديني لا يظلمني ولا يضيع موهبتي ولا يقول ما يقولون، فأخبرني ما حكم الدين فيما يفعلون؟ وما حكم الدين فيمن كان لدى أبنائه موهبة ولم يساعدهم على تنميتها؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقراءة والكتابة من المواهب الجيدة، وهي مما ينبغي الاهتمام بها وتشجيع صاحبها وتوجيهه إلى استخدامها في ما فيه خدمة دينه وأمته، وهذا نوع من الجهاد يجد به صاحبه الأجر والثواب، ونرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 54245، ففيها بيان أنواع الجهاد.
وظننا أن أباك لا يريد أن يحول بينك وبين هذه الموهبة، إذ الغالب في الأب الشفقة والحرص على ما فيه مصلحة ولده ورؤيته على أحسن حال في النجابة، ومن هنا فقد لا يكون أبوك عائقا في سبيل تنميتها، وإنما يخشى أن يكون مجال الاهتمام فيها في جانب قد لا يسمن ولا يغني من جوع كما قد يفعل بعض الكتاب، بل ومنهم من تكون كتاباته موجهة إلى محاربة مبادئ دينه وهدم قيمه وأخلاقه، ونحسب أنه لا يخفى عليك مثل هذا النوع ممن يسمون بالأدباء، أو قد يكون أبوك يبتغي توجيهك إلى استخدامها كوسيلة للدعوة إلى الخير ونشر الفضيلة، وهذا أمر بلا شك حسن ويمكن أن يتم مثل هذا بأساليب مختلفة كأسلوب القصة والحوار ونحو ذلك...
والمقصود أن تحمل أمر أبيك على أحسن المحامل، فالذي نرشدك إليه أن يكون هنالك نوع من التفاهم والحوار مع أبيك بكل أدب واحترام، ويقيننا ـ إن شاء الله ـ أنه سيتبين لك أنه لا اختلاف بينكما، ويبدو لنا من خلال سؤال سابق لك أنك تهول هذا الأمر وتحمله ما لا يحتمل، وهو هين ويسير ـ بإذن الله تعالى ـ وفقك الله وسدد على طريق الخير خطاك.
والله أعلم.