السؤال
قال لي أحد منكري الحجاب: إن كثيرا من المسلمات قديما لا يحتجبن، وأورد مثالا وقال إن النويري في كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب قال: إن عائشة بنت طلحة لا تحتجب، ولا تغطي وجهها. وقال لي إن عائشة بنت أبي بكر لم تنكر ذلك.
أرجو منكم الرد عليه لكي لا يفسد بناتنا. وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحجاب المراد نفيه من هذا المنكر هو حجاب الوجه والكفين، فإن هذا محل خلاف بين أهل العلم، ولكن الراجح الذي تنصره الأدلة وجوب سترهما كما فصلناه في الفتوى رقم: 4470، والفتوى رقم: 15665.
أما إذا كان مراده بالحجاب ستر سائر البدن وإدناء الجلابيب، وضرب الخمر على الجيوب، فيكفينا في رد هذه الشبهة أمور ثلاثة:
1 - أن كتب الأدب في مجملها ليست مصدرا لأخذ أحكام الشرع لأنها تجمع الصحيح والسقيم، والمعروف والمنكر، فلذلك يتطرق الاحتمال إلى عدم صحة ما فيها من وجوه كثيرة، فلا تصلح لإثبات أحكام الشرع، لما يتطلبه حكم الله تعالى من صحة في النقل، وعدالة في الناقل، وغيرذلك من وجه التحري، فهي كتب مبناها على الترويح، والتلسية بقصص الماضين وأخبارهم أكثر مما هي لأي شيء غير ذلك.
2 - أن وجوب الحجاب بهذا المعنى ثابت بالكتاب والسنة، كما بينا في الفتوى رقم: 5561 ، والفتوى رقم: 101304 ، فلا يتطرق إليه النفي ولا الإنكار لو ثبت أن أحدا مَّا يخالف فيه أو لا يفعله، فالحق لا يعرف بالرجال، بل اعرف الحق تعرف أهله.
3 - أن ما جاء في كتاب نهاية الأرب ليس فيه نفي للحجاب، بل فيه أنها لم تكن تستر وجهها ونصه: وكانت عائشة لا تستر وجهها من أحد. فعاتبها مصعب في ذلك فقالت: إن الله تبارك وتعالى وسمنى بميسم جمال أحببت أن يراه الناس، ويعرفوا فضلى عليهم فما كنت لأستره. اهـ
وهذا - رغم انقطاعه- لو فرضنا صحته ليس نفيا للحجاب بمعناه الواسع، إذ قصارى ما فيه نفي الستر عن الوجه والكفين، ومعلوم أن سترهما محل خلاف بين أهل العلم كما سلف.
فخلاصة القول أنه ليس لقول هذا القائل محل من النظر، إذ لم يقم على أساس يثبته حتى يحتاج إلى النفي، فلتتمسكوا بما أنتم عليه فهو الحق، وذروا الجدل في مثل هذا فهو مما يزيد شبه الباطل والمبطلين ترسيخا.
والله أعلم.