الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مخاصمة القريب مطالبة بالحق ودفعا للظلم ليس قطعا للرحم

السؤال

أجدد شكري لكم على هذا الموقع الرائع الذي أعتبره بحق من أفضل المواقع الإسلامية، إن لم يكن الأفضل على الإطلاق، فبارك الله لكم في جهودكم، ونفع بكم المسلمين.
سؤالي بخصوص والدتي حيث قام جدي -سامحه الله- بتوزيع ممتلكاته قبل وفاته على أبنائه بقسمة مخالفة للشرع، حيث آثر أحد أبنائه في أغلب التركة، ومن ذلك قطعة أرض كان قد باعها لوالدتي، حيث كانت قد وكلت جدي لشراء قطعة أرض لها، فباعها قطعة من أراضيه بعقد ابتدائي، وكان خالي من بين الشهود الذين وقعوا على العقد، ثم سجل جدي الأرض باسم خالي في الأوراق الرسمية بعقد بيع وشراء. وهي الآن في حيرة هل ترفع قضية على خالي لتطالبه بحقها في أرضها أم يعد ذلك من قطع الرحم؟ مع ملاحظة أنها حثت خالي عدة مرات على إعادة توزيع التركة شفقة ورحمة به وبوالدها، ولكنه رفض قائلا إن جدي سيعذب وحده ولا يهمه ذلك، وللأسف جدتي موافقة لخالي في تصرفاته، وقد تغضب على والدتي إن طالبت بحقها.
فهل تسكت عن حقها أم أن المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، وأن في ذلك نوعا من كف الظالم عن ظلمه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنشكرك على إعجابك بموقعنا، ونسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يستعملنا في خدمة دينه وتبليغ دعوته.

واعلمي أن مسائل المنازعات هذه لا تكفي فيها فتوى، بل ينبغي أن تراجع فيها المحكمة الشرعية أو الجهات المختصة بالنظر في قضايا المسلمين كالمراكز الإسلامية في بلاد الغرب. فهي أجدر بالسماع من أطراف النزاع وطلب البينات، هذا بالإضافة إلى أن حكم القاضي ملزم بخلاف الفتوى.

وما يمكننا قوله هنا على وجه العموم أنه لا حرج على الشخص في المطالبة بحقه، إن كان له حق عند شخص ولو كان من أقربائه، ولا يعتبر قاطعا للرحم في مطالبته بذلك أو مخاصمته فيه إلى القاضي وأمثاله، وسبق بيان ذلك بالفتوى رقم: 123695. هذا أولا.

ثانيا: ما يترك الميت من مال حق لجميع الورثة لا يجوز لأي منهم الاستئثار بشيء منه دون موافقة بقية الورثة، ولا تعتبر موافقتهم إلا إذا كانوا رشداء بالغين. وتراجع الفتوى رقم: 117431.

ثالثا: هبة الوالد قطعة أرض أو نحوها لأحد أولاده لا تصح إلا برضى بقية الأولاد، إذ لا يجوز له تفضيل أحد من أولاده في الهبة على الراجح من أقوال الفقهاء، وانظري الفتوى رقم: 68875. وتسجيل الأرض الموهوبة بصورة البيع لا يسوغ للموهوب له أخذها إن لم يكن له حق فيها.

وإذا أخذ الولد قطعة الأرض بغير حق فقد يعذب على ظلمه، كما قد يعذب الوالد على ظلمه. وكيف يليق بالابن أن يرتضي العذاب لأبيه، فهذا نوع من العقوق والإثم المبين.

رابعا: لو أمكن التصالح والتراضي وحل المشكلة بعيدا عن المحاكم فهو أولى، حفاظا على صلة الرحم، وصيانة لها عن القطيعة وإبقاء للمودة بين الأقارب.

ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 50300.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني