الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين التقوى والخشية

السؤال

ما الفرق بين التقوى والخشية والرهبة والخوف والرجاء؟ وكيف يتحلى المرء بهذه الصفات؟ ولماذا جمع الله بين الخشية والعلم في: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الفرق بين التقوى والخشية هي أن معنى التقوى في الأصل أن يجعل الإنسان وقاية بينه وبين ما يخاف، ومعناها في الشرع أن يجعل العبد امتثال أوامر الله تعالى واجتناب نواهيه وقاية بينه وبين ما يخاف من عذاب الله تعالى وعقابه, قال ابن عاشر في المرشد المعين:

وحاصل التقوى اجتناب وامتثالْ * في ظاهر وباطن بذا تنالْ. وانظري الفتوى: 24800 وما أحيل عليه فيها.

وأما الخشية فهي: الخوف المقرون بالمعرفة والتعظيم؛ فالذين يعرفون الله تعالى هم الذين يخشونه؛ ولذلك وصف الله تعالى العلماء بالخشية، فقال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ. [فاطر:28], وقال تعالى عن أنبيائه: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّه. [سورة الأحزاب: 39].

فإذا امتثل المرء ما أمره الله به, واجتنب ما نهاه عنه في الظاهر والباطن، وعرف الله تبارك وتعالى وعظمه وخافه, كان ممن اتقى الله وخشيه بالغيب, وانظري الفتاوى: 15811، 21032، 46155.

وقد جمع الله تبارك وتعالى بين الخشية والعلم؛ لأن حقيقة الخشية - كما قال العلماء - لا تكون إلا عن علم وتعظيم, وهيبة ورهبة وإجلال, والذي لا يعلم لا يخشى الله حق خشيته, جاء في تفسير ابن كثير عند قوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، قال: أَيْ: إِنَّمَا يَخْشَاهُ حَقَّ خَشْيَتِهِ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَتِ الْمَعْرِفَةُ لِلْعَظِيمِ الْقَدِيرِ الْعَلِيمِ الْمَوْصُوفِ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الْمَنْعُوتِ بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى - كُلَّمَا كَانَتِ الْمَعْرِفَةُ بِهِ أَتَمُّ وَالْعِلْمُ بِهِ أَكْمَلَ، كَانَتِ الْخَشْيَةُ لَهُ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ. وانظري الفتوى: 21642.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني