السؤال
أبكي كثيرًا من كثرة ذنوبي فأنا كنت شابًا صالحًا لأسرة صالحة, فقد كنت أستمني في ليل رمضان, ولا أغتسل حتى الصباح عن جهل أن ذلك قد يبطل صومي, فما الحكم؟ ثم أصبحت أشاهد الأفلام الإباحية, وتعريت أمام الكاميرا لرجال وسيدات, وكنت أستمني وهم يشاهدونني, ثم تعرفت إلى فتاة أجنبية, وسافرت لها أكثر من مرة, وكنت ألمس وأقبل جميع جسمها - وهي كذلك - حتى خروج المني؛ حتى أنها قبلت عضوي أكثر من مرة, ووضعته في فمها حتى الاستمناء, وكنت أحك جسدي بها من الخلف وأنا مرتدٍ ملابسي دون إيلاج حتى نزول المني مني, وحدث ذلك أحيانًا في ليل رمضان, ولم أكن أغتسل حتى الصباح, وأنا خائف من ربي, وعندما أتذكر كل ذلك لا أصدق أني فعلت كل هذا, فقد أصبحت محطمًا نفسيًا خوفًا من ربي الذي عصيته, وأنا لم أترك الصلاة في حياتي أبدًا, وعلى الرغم من هذا نسيت ربي وعصيته, وأنا أريد أن أعرف هل هذا زنا؟ أم أنني لم أقع فيه, وأحمد الله أني لم أتمادَ أكثر في ذلك؟ وماذا أفعل بشأن الأيام من رمضان؟ أعلم - يا شيخي - أنك قد تلعنني, وتكره أن ترى مسلمًا يفعل ذلك, ولك كل الحق, فأنا إنسان سيء, وأنا أبكي في صلاتي, وأستحيي من الله أن أصلي له وقد فعلت كل ذلك, وكل ما أريده أن أرجع بلدي لأبي وأمي, وأعيش حياة نظيفة, وأجد فتاة طيبة صالحة كزوجة, ولكني أصبحت خائفًا من عمل ذلك؛ لأني أشعر أني سوف أظلم من أتزوجها بتاريخي السيء وذنوبي, وأنا لا أعرف ماذا أعمل, وأشعر أني أفسدت دنياي وآخرتي, وأني مهما فعلت فالله لن يسامحني, والجنة لن تكون مثواي.
آسف للتطويل, وآسف لأني آذيتكم بكلمات وأفعال يعجز اللسان عن قراءتها, والعقل عن تصورها, ففي رسالتي محن, وذنوب عظيمة فأرجو من حضرتكم الرد, وماذا أفعل؟
وأرجو من الله أن يسامحني, بارك الله لكم, وشكرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن النوم على جنابة حتى الصباح لا يفسد الصيام، وانظر الفتوى رقم: 18078.
ولكن الاستمناء - وكذلك مشاهدة الأفلام الإباحية - منكر ظاهر, وأشد من ذلك ما وقع بينك وبين المرأة من أمور المعاشرة، وهذه الأفعال - وإن كانت لا تصل إلى الزنا الحقيقي الموجب للحد - إلا أنه ليس بالأمر الهين، بل هو منكر قبيح, وهو طريق للوقوع في الفاحشة, وقد سماه النبي صلى الله عليه وسلم زنا، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا, مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه. متفق عليه.
لكن اعلم - أخي الكريم - أن الذنب مهما عظم فإن رحمة الله أعظم، فمن تاب توبة صحيحة تاب الله عليه، بل إن الله يفرح بتوبة العبد, ويحب التوابين ويبدل سيئاتهم حسنات.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب, والندم على فعله, والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس, وعدم المجاهرة بالذنب، وننصحك بالمبادرة بالزواج من امرأة صالحة حتى تعف نفسك وتحصن فرجك، ولا تمتنع من ذلك بدعوى أنك تظلم من تتزوجها بذنوبك السابقة, فهذا من تلبيس الشيطان، فالتوبة الصحيحة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه.
واعلم أن القلب يعود بعد التوبة أقرب إلى الله, وأكثر حبًا له, وشوقًا إليه, وإقبالًا على طاعته, واستشعارًا لحلاوة الطاعة ، فإذا كنت قد تبت إلى الله فأبشر خيرا - بإذن الله - واحذر من وساوس الشيطان ومكائده, ولا تيأس أبدًا، وكن بين الخوف والرجاء, وهما يحمدان إذا حملا العبد على الكف عن المعاصي والاجتهاد في الطاعات.
أما الخوف الذي يقنط العبد من رحمة الله, أو الرجاء الذي يجرّئ العبد على المعصية ويقعده عن الطاعة فكلاهما مذموم، فأقبل على ربك, وأحسن الظن به فهو أرحم الراحمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى يقول : أنا عند ظن عبدي بي, إن خيرًا فخير, وإن شرًا فشر. رواه الإمام أحمد.
والله أعلم.