الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أعاني من مشكلة تتلخص في أنني أشك في أي عملية بعد انتهائها، الأمر الذي يتطلب مني إعادة البحث عن مجريات العملية حتى أتأكد من صحتها، فمثلا: أخذت الإيجار من المستأجر نيابة عن المؤجر، وكان دوري أن أعطي هذا الإيجار لأخت المؤجر لتقوم بإيداعه والمشكلة أنني عددت المبلغ جيدا مرة ومرتين وبعد ذلك قمت بوضع لاصق على المبلغ حتى لا يختلط بمال أخت المؤجر، وأعطيتها إياه وبعد ذلك بدأت الوساوس تراودني هل المبلغ صحيح أم لا، وهل أطلب منها إعادة عده أم لا؟ وهل أسألها عن المبلغ أم لا، وهل أطلب منها فيشة الإيداع لأتأكد من المبلغ أم لا؟ والمشكلة أنه إن غابت عني الفكرة تبقى مسيطرة على ذهني بحيث إن أي محفز لها تعود مرة أخرى فإن ذكر لاسم المؤجر أمامي يذكرني المبلغ وأفكر هل أسأل أخت المؤجر أم لا، والمشكلة لا تقف عند هذا الحد بل تمتد إلى أنني أعددت كشوفا لجميع العمليات المالية التي أقوم بها مع الآخرين، لإثبات الذمم، والآن أفكر في أن أمزق هذه الأوراق لسداد الذمم وما يزعجني أنني أحاول أن أتفقد الأوراق قبل تمزيقها والكارثة أنه لو وقع بصري على رقم أو عملية ما، فإنني أبقى أفكر في حيثياتها لأصل إلى الحقيقة والنتيجة قد تترتب عليها أمور لا تحمد عقباها خاصة إذا كنت قد نسيت أصل العملية المالية فاختصارا أقوم بإثبات الدين مرة أخرى علي خروجا من الخلاف، كما أنني أقوم بإعادة الاحتساب لأكثر من مرة لأبسط العمليات المالية فمثلا أسكن في عمارة وهناك فاتورة كهرباء للعمارة تمثل الخدمات المشتركة وهي في غالبها 18.43 وحدة نقدية والمطلوب تقسيمها على 9 جيران فمع أن الجواب بسيط إلا أنني أقوم بالتقسيم أكثر من مرة ومن ثم أضرب ناتج التقسيم في 9 لأتأكد هل المجموع يساوي قيمة الفاتورة أم لا؟ لقد استرسلت في الوساوس حتى بت أخشى على نفسي التفريط في المال فأي مبلغ أشك فيه أقيده على نفسي فمثلا هناك مصاريف للعمارة تبلغ 250 وحدة نقدية كلفني أحد الجيران أن أقوم بإعداد كشف بها وجمعها من الجيران، وتقسيم المبلغ على عدد الجيران فقلت له 9 فقال لا قم بقسمة المبلغ على 8 لأن أحد الجيران غير موجود فقررت أن أقسم المبلغ على 9 وأتحمل فرق الجار أي أنني تكبدت مبلغا إضافيا وذلك لشكي في صحة الطلب علما بأن الجار قال لي إنه سيطالب الجار الغائب بالمبلغ لدى عودته لتغطية مصاريف أخرى، ويرتبط بهذا حفظ الأوراق والفواتير وتقييد العمليات المالية حتى تراكمت لدي مجموعة كبيرة من الفواتير والأوراق، وللحديث بقية، فما هو تشخيص هذه الحالة التي أعيتني وعقدت حياتي حتى بت أخشى التعامل مع الآخرين في النواحي المالية وغيرها.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد أخذت منك الوساوس مأخذها في هذا المنحى وبلغت منك ملبغا عظيما، ونحن نقول لك: مثل ما أنت فيه من الحرج لا يقره شرع ولا يقتضيه دين، وليس إلا من عمل الشيطان محضا، فحسبك من منظور الشرع: أن تحتاط في الحقوق وتتحرى في أدائها ما استطعت، وما اجتهدت فيه فوثقته وتحققت منه فلا تلتفت فيه إلى شك بعد ذلك، فلا يكلفك الله تعالى بأكثر من أن تتحقق من الفعل ساعة أدائه، فإذا فرغت من الأداء فلا تلتفت لما بعد ذلك، قال ابن نجيم: الشك لا يرفع المتيقن قبله.

وانظر الفتوى رقم: 3086، وهي في الوسواس القهري وعلاجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني