السؤال
كنت نائمًا وأتت زوجتي لتوقظني, وكانت تبكي بشدة, وتصرخ عليّ, وتقول: إنها تريد أن تتصل بأهلها, فقلت لها - وأنا غاضب جدًّا؛ نتيجة الطريقة التي أيقظتني بها -: "غدًا صباحًا سنتصل بهم", فأخذت توقظني وتبكي بصوت عالٍ, فقلت لها: "بعد ساعتين أيقظيني لنكلمهم", فلم ترضَ بذلك, واستمرت في أفعالها, فأعطيتها جوالي الخاص, وقلت لها: (اتصلي منه, ولكن, عليّ الطلاق ما أنت مكلماهم تاني) علمًا أنني كنت أقصد بعد هذه المكالمة, وكانت نيتي هي التهديد فقط؛ كي تكف عن بكائها, ولم تكن نيتي على الإطلاق أن أطلقها, وكنت وقتها في شدة الغضب, علمًا أنني غير معتاد الحلفَ بالطلاق, وكانت تلك أول مرة في حياتي, وأنا أيضًا لا أرضى أن تمتنع عن الاتصال بأهلها, فذهبت لإمام المسجد الذي أصلي فيه واستشرته في الأمر, فقال لي: "إنه طلاق معلق, سيقع إذا وقع الأمر - إذا اتصلت بأهلها -, لكن طالما كنت في شدة غضبك, ولم تكن النية مبيتة لطلاقها, وكان هدفك هو التهديد – فقط - كي تكف عن أسلوبها؛ فعليك بالاستغفار, واجعلها تكلم أهلها, وسيكون هذا درسًا لك" وبالفعل أخذت بكلامه, واتصلت بأهلها, وكنت أنا من بدأ المكالمة, ولم أجعلها تتصل, ولكني جعلتها تكلمهم بعدي, وأريد الآن أن يطمئن قلبي, وأسأل عن موقفنا الآن من هذا الأمر - جزاكم الله كل خير -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق, إلا أن يكون شديدًا قد غلب على عقل صاحبه؛ بحيث لا يدري ما يقول، وراجع الفتوى رقم: 98385.
فما دمت قد حلفت مدركًا لما تقول - كما هو الظاهر من سؤالك - فيمينك معتبرة, والمفتى به عندنا أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق, أو التهديد, أو المنع, أو الحث, أو التأكيد - يقع به الطلاق عند الحنث، وهذا مذهب جمهور العلماء، وأما شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فيرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق - وإنما يراد به التهديد, أو التأكيد على أمر - حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين, ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وعليه, فالمفتى به عندنا أن زوجتك إذا كلمت أهلها وقع عليها الطلاق، لكن إذا كنت أذنت لها في مكالمة أهلها متأولًا عدم الحنث في اليمين: ففي وقوع الطلاق في هذه الحال خلاف بين أهل العلم، سبق بيانه في الفتوى رقم: 168073.
وعلى القول بوقوع الطلاق بهذه المكالمة فقد انحلت يمينك, ولا يقع شيء بمكالمتها أهلها بعد ذلك، وانظر الفتوى رقم: 136912.
وإن كانت هذه هي الطلقة الأولى أو الثانية فلك مراجعة زوجتك ما دامت في العدة، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195.
وأما على القول بعدم وقوع الطلاق فإن زوجتك إذا كلمت أهلها وقع طلاقها.
وما دامت المسألة محل خلاف بين أهل العلم فالأولى عرضها على المحكمة الشرعية, أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين.
والله أعلم.