السؤال
كان زميل لي يحدثني عن بلاد ذهب إليها, فتحدث عن كثرة زرعها, فقلت له: أرض خصبة, ثم ندمت على قولي هذا بعد مدة قليلة, مع أني أعتقد - ولله الحمد - أن الأرض الخصبة ما هي إلا سبب, وأن الله هو الذي أنعم على أهل ذلك البلد؛ لكن سبقني لساني, فهل عليّ كفارة أم أكثر من قول لا إله إلا الله؟ وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا شيء عليك ولا كفارة؛ فإنك مع اعتقادك الصحيح أن الله سبحانه وتعالى هو المنعم الحقيقي، وأن خصوبة الأرض ما هي إلا سبب لكثرة الزراعة فيها، فيجوز لك أن تنسب الشيء إلى سببه في هذه الحال، فقد ذكر الشيخ ابن عثيمين أن إضافة الشيء إلى السبب له ثلاث حالات، فقال - رحمه الله تعالى -:
الأولى: أن يكون سببًا خفيًا لا تأثير له إطلاقًا، كأن يقول: لولا الولي الفلاني ما حصل كذا وكذا، فهذا شرك أكبر؛ لأنه يعتقد بهذا القول أن لهذا الولي تصرفًا في الكون مع أنه ميت، فهو تصرف سري خفي.
الثانية: أن يضيفه إلى سبب صحيح ثابت شرعًا أو حسًا; فهذا جائز بشرط أن لا يعتقد أن السبب مؤثر بنفسه، وأن لا يتناسى المنعم بذلك.
الثالثة: أن يضيفه إلى سبب ظاهر، لكن لم يثبت كونه سببًا لا شرعًا ولا حسًا; فهذا نوع من الشرك الأصغر، وذلك مثل: التِّولة، والقلائد التي يقال: إنها تمنع العين، وما أشبه ذلك; لأنه أثبت سببًا لم يجعله الله سببًا، فكان مشاركًا لله في إثبات الأسباب, ويدل لهذا التفصيل أنه ثبت إضافة (لولا) إلى السبب وحده بقول النبي صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب: "لولا أنا; لكان في الدرك الأسفل من النار"، ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الشرك، وأخلص الناس توحيدًا لله تعالى، فأضاف النبي صلى الله عليه وسلم الشيء إلى سببه، لكنه شرعي حقيقي. انتهى.
وننصح السائل أن يبتعد عن الوساوس في هذا الباب وفي غيره، فقد اتضح لنا من خلال أسئلته الكثيرة أنه يعاني من كثرة الوساوس، فالواجب عليه أن يستعين بالله في دفع كيد الشيطان ووساوسه, وألا يستسلم لذلك؛ فإنه يجر إلى ما هو أعظم مما هو عليه الآن.
والله أعلم.