السؤال
اتفق شخص مع مقاول لبناء بيت، على أن يشتري هو مواد البناء من بعض المحلات بالدَّين، ويقوم المقاول بتسديد المبلغ عنه، ويدفع هو للمقاول مبلغًا شهريًا ثابتًا مقابل ثمن المواد, إضافة إلى عمل المقاول, فهل هذه المعاملة جائزة؟
اتفق شخص مع مقاول لبناء بيت، على أن يشتري هو مواد البناء من بعض المحلات بالدَّين، ويقوم المقاول بتسديد المبلغ عنه، ويدفع هو للمقاول مبلغًا شهريًا ثابتًا مقابل ثمن المواد, إضافة إلى عمل المقاول, فهل هذه المعاملة جائزة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه الصفقة جمعت بين الإجارة والقرض، وصورة ذلك أن رب العمل أسند إلى المقاول عمله على أن يقرضه مبلغ مواد البناء في صورة سداد ثمنها عنه، والجمع بين الإجارة والقرض في صفقة واحدة لا يجوز؛ لأنه في معنى (سلف وبيع) وهو منهي عنه, والإجارة: بيع للمنافع, روى أبو داود والترمذي والنسائي عن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ, وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ, وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ تَضْمَنْ, وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.
قال ابن قدامة في المغني: ولو باعه بشرط أن يسلفه أو يقرضه, أو شرط المشتري ذلك عليه فهو محرم, والبيع باطل, وهذا مذهب مالك, والشافعي, ولا أعلم فيه خلافًا, إلا أن مالكًا قال: إن ترك مشترط السلف السلف صح البيع, ولنا ما روى عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن ربح ما لم يضمن, وعن بيع ما لم يقبض, وعن بيعتين في بيعة, وعن شرطين في بيع, وعن بيع وسلف" أخرجه أبو داود والترمذي, وقال: حديث حسن صحيح, وفي لفظ: "لا يحل بيع وسلف" ولأنه اشترط عقدًا في عقد ففسد, كبيعتين في بيعة, ولأنه إذا اشترط القرض زاد في الثمن لأجله, فتصير الزيادة في الثمن عوضًا عن القرض, وربحًا له, وذلك ربا محرم ففسد. انتهى.
كما أن المقاول حينما يقرض رب العمل فهو منتفع بما أسند إليه من العمل, وقد يتسامح معه فيه, ويعطيه أجرة أكبر, وكل قرض جر نفعًا فهو ربا.
فلا يجوز الإقدام على تلك الصفقة، ولرب العمل أن يتفق مع المقاول على البناء, وتكون الآلة ومواد البناء منه لا من رب العمل وفق ما يسمى بالاستصناع مقابل مبلغ معلوم يتفقان عليه, ويجوز تقسيطه على دفعات, وللمزيد انظر الفتاوى رقم: 28827.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني