السؤال
بعضهم يقول: إن موسى - عليه السلام - كان مصريًا فإن قيل له: ما دليل ذلك؟ قال: "ولد وعاش في أرض مصر فهو مصري", فرد عليه محاوره: إذن النبي - عليه الصلاة والسلام – سعودي؛ لأنه ولد وعاش في أرض الجزيرة, فرد بقوله: خطأ, لم تكن السعودية وقتها قد نشأت حتى يقال سعودي, لكن مصر معروفة بهذا الاسم من قديم الزمان, ومذكورة في القرآن به, فما قولكم في ذلك - بارك الله فيكم -؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقبل الإجابة نود أن نلفت النظر إلى أهمية وضوح الغاية من الحوار والنقاش، فيسأل المرء نفسه عن فائدة مثل هذا الحوار وما الذي يترتب عليه، فإن لم يكن فيه فائدة فلا ينبغي الدخول فيه ولا إكماله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني. وراجع في بيان معناه الفتوى رقم: 63644.
وأما موضوع السؤال فجوابه يعتمد على التفريق بين ما يعرف في عصرنا بالجنسية التي يكتسبها الإنسان بسبب مولده أو نشأته أو إقامته، وبين جنسه الذي ينتمي إليه، فنبي الله موسى - عليه السلام - من بني إسرائيل من حيث الجنس، وإن كان ولد في مصر ونشأ بها, فهو إسرائيلي الجنس، مصري المولد والنشأة, فكلا النسبتين صحيح باعتبار جهته, وهذا أمر معروف في الأنساب، كما ينسب مثلًا الصحابي الجليل صهيب بن سنان فيقال: الرومي، مع إنه نمريٌّ عربيُّ الجنس لا رومي، وإنما يقال له ذلك لأنه أقام في الروم مدة، قال الذهبي في ترجمته: صهيب بن سنان أبو يحيى النمري، من النمر بن قاسط, ويعرف بالرومي؛ لأنه أقام في الروم مدة، وهو من أهل الجزيرة، سبي من قرية نينوى، من أعمال الموصل اهـ. وراجع الفتوى رقم: 9469.
والمقصود أن الشخص الواحد قد ينسب أكثر من نسبة باعتبارات مختلفة، فتصح كل نسبة باعتبار جهتها.
وأما النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو عربي الجنس قرشيٌّ هاشميّ, وهو كذلك حجازي المولد والنشأة والإقامة والوفاة، مكي المولد والنشأة، مدني الإقامة والوفاة, فكل نسبة تصح باعتبار, فإن سميت هذه البقعة من الأرض باسم آخر صح نسبته إليها بهذا الاعتبار، ولإيضاح ذلك نقول: إن سئل من أي قارة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فسينسب في الجواب إلى قارة آسيا، باعتبار أن الجزيرة العربية جزء منها, وهكذا الحال إن دخلت أرض الحجاز أو الجزيرة العربية في اسم آخر أعم منها، كاسم دولة من الدول المعاصرة.
والله أعلم.