الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عقدت على شاب متساهل في النظر إلى النساء والتعامل معهن.. فهل تتطلق منه؟

السؤال

عقدت قِراني مؤخرًا على شاب, يبدو عليه أنه على قدر من الدِّين, لكني لاحظت أنه لا يغض بصره كما ينبغي, وأن علاقته بالنساء الأجنبيات فيها قدر من الاستخفاف بالضوابط الشرعية, وفيها انفتاح، خاصّة في محيطه العائلي المقرّب, كزوجة أخيه, فقد وجدته قريبًا منها جدًّا؛ إذ سقط التكلّف بينهما كثيرًا, فهي تناديه باسم فيه تصغير؛ لأنه الأخ الأصغر لزوجها, ولأنها تعتبره مثل أخيها، كما أن المزاح بينهما يكثر، بالإضافة إلى أنه عندما يزور أخاه – أي: زوجها - قد يقيم في بيته أكثر من يوم, والبيت صغير, والغرف تفتح على بعضها, وقد نبّهت زوجي إلى هذه النقاط مرارًا, لكنه عارضني بشدّة في البداية؛ معتبرًا أني أسأت الظن به وبزوجة أخيه - وكأني مسست عرضَهما - وقال في البداية: إنها مثل أخته, وإنه لا ينوي تغيير علاقاته بزوجات إخوته, لكنه فيما بعد أفهمني أنه سيحاول مراعاة غيرتي, وكلامه نحوي بدا عنيفًا؛ لأنه يخشى أن أكون سببًا في أن يقطع رحمه - كما حدث لأخ له؛ بسبب زوجته على حد قوله -.
رغم هذا كلّه فلا أجد سلوكه تغير بالقدر المُرْضي, وأرى استخفافه بالضوابط في هذا المجال غيّرت قلبي نحوه, وأحدثت برودًا شديدًا في مشاعري تجاهه, وفي علاقتي به؛ حتى أني أفكر في الطلاق, رغم أنه لم يدخل بي بعد, فبم تنصحونني - جزاكم الله خيرًا -؟ وكيف أتعامل معه؟ وهل سلوكه سبب كافٍ لطلاقي منه - بارك الله فيكم -؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالتهاون والتفريط في تعامل الرجل مع النساء الأجنبيات مذموم شرعًا، وقد احتاط الشرع في هذا الباب, فأمر بغض البصر, ونهى عن الخلوة بالأجنبية, ونهى المرأة عن الخضوع بالقول عند مخاطبة الرجال، وحذّر الشرع من تهاون المرأة مع أقارب الزوج تحذيرًا بليغًا، فعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ. متفق عليه. الحمو: أخو الزوج, وما أشبهه من أقارب الزوج.
قال ابن الأعرابي: هي كلمة تقولها العرب مثلًا، كما تقول: الأسد الموت، أي: لقاؤه فيه الموت، والمعنى: احذروه كما تحذرون الموت.

وقال النووي - رحمه الله -: وإنما المراد أن الخلوة بقريب الزوج أكثر من الخلوة بغيره، والشر يتوقع منه أكثر من غيره، والفتنة به أمكن؛ لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة بها من غير نكير عليه, بخلاف الأجنبي. انتهى.
ونص أهل العلم على أن الكلام مع الأجنبية لا يجوز لغير حاجة، قال العلّامة الخادمي - رحمه الله - في كتابه: بريقة محمودية - وهو حنفي -: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة.

فإن كان زوجك يتهاون في غض البصر, ويتبسط في تعامله مع الأجنبيات: فعليك نصحه برفق, وإطلاعه على كلام أهل العلم في التحذير من هذا الأمر، ولا ننصحك بطلب الطلاق منه لهذا السبب، فقد ذكرت عنه أنه صاحب دين وخلق, فإذا كان مقصرًا في بعض الأمور فلا يكون هذا التقصير سببًا كافيًا لطلب الطلاق.

أما إذا وصل الأمر به إلى الوقوع في الكبائر: فلك حينئذ طلب الطلاق منه, بل ينبغي عليك ذلك، وراجعي الحالات التي يجوز للمرأة فيها طلب الطلاق في الفتويين: 37112، 116133.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني