السؤال
حصل بيني وبين صديق لي نزاع في مسألة اللحية وهل يجوز حلقها. فذهبت إلى عدم الجواز تمسكا بالأحاديث الآمرة بإعفاء اللحية. بينما هو يذهب إلى الجواز. واستدل بأثر عن عمر -رضي الله عنه- مضمونه أن امرأة شكت إليه قبح منظر زوجها؛ لأنه كان أشعث اللحية, فأمره عمر بحلق لحيته، ففعل, ولما رجعت المرأة ورأت زوجها حليقا أعجبها ذلك، وفرحت به على هذا المنظر. فالسؤال هو: هل ثبت هذا الأثر عن عمر؟ وأين أرجع للوقوف على هذا الأثر؟ أفيدوني أثابكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نطلع على هذا الأثر عن الفاروق عمر، ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم جميعا، ونكاد نجزم بأنه لا وجود له. وإنما الذي روي عن عمر ـ كما نقله الطبري، وابن بطال (9/146) والعيني (22/47) في شرح صحيح البخاري ـ أنه رضي الله عنه رأى رجلا قد ترك لحيته حتى كثرت، فأخذ بحديها ثم قال: ائتوني بجلمين ـ يعني المقراض ـ ثم أمر رجلا فجزَّ ما تحت يده، ثم قال: اذهب فأصلح شعرك أو أفسده؛ يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع. اهـ.
فهذا إن صح إنما هو في أخذ ما زاد عن القبضة من اللحية، لا في حلقها !! وقد سبق لنا بيان أن من أهل العلم من رخص في ذلك، وراجع الفتوى: 3851. كما سبق لنا بيان أقوال أهل العلم في الأخذ من اللحية في الفتويين: 14055، 71215. وراجع في حكم حلق اللحية الفتوى رقم: 2711.
ومما ينسب لعمر في موضوع اللحية ما قاله أبو طالب المكي في (قوت القلوب): ردَّ عمر بن الخطاب، وابن أبي ليلى قاضي المدينة، شهادة رجل كان ينتف لحيته. اهـ. وذكره أيضا الغزالي في (الإحياء).
والله أعلم.