الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الخاطب لخطيبته: إن نيته بطلان الزواج إذا كانت كذبت عليه

السؤال

أنا امرأة مطلقة، أقمت علاقة غير شرعية مع شخص نتج عنها الزنا، وقد تبت توبة نصوحا إلى الله، وتقدم شخص لخطبتي وسألني بوضوح إن كانت لي أي علاقة أخرى بعد طلاقي، فكذبت عليه وأجبته بالنفي والحلف أنه لم تكن لي علاقات بعد طلاقي، حتى لا أرفع ستر الله عني، ولأنني خجولة جدا من الخطأ الذي اقترفته، وقال لي إن نيته أن يكون الزواج باطلا إذا كنت كذبت عليه، وسؤالي هو: في حالة إتمام الزواج، فهل يكون باطلا؟ وهل يلزمني إخباره بالماضي؟ وما هي كفارة اليمين التي حلفتها بالكذب؟ وهل يمكن أن يرفع الله ستره عني فيؤدي هذا إلى طلاقي مرة أخرى؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائر، لكن مهما عظم الذنب فإن من تاب توبة صحيحة تاب الله عليه، والتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والواجب على من وقع في معصية أن يستر على نفسه ولا يفضحها، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:... أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ. رواه مالك في الموطأ.

قال ابن عبد البر: وفيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة.

وعليه، فقد أصبت حين سترت على نفسك ولم تخبري هذا الخاطب بمعصيتك، واضطرارك إلى الكذب والحلف على ذلك لا حرج فيه ـ إن شاء الله ـ ولا تلزمك كفارة، فقد جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي رخص في الكذب فيها: فَهَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ، وَيُقَاسُ عَلَيْهِ مَا فِي مَعْنَاهُ كَكَذِبِهِ لِسَتْرِ مَالِ غَيْرِهِ عَنْ ظَالِمٍ، وَإِنْكَارِهِ الْمَعْصِيَةَ لِلسَّتْرِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَا لَمْ يُجَاهِرْ الْغَيْرُ بِهَا. اهـ

وانظري الفتويين رقم: 47655، ورقم: 43279.

وأما قول الخاطب إنه يقصد أن الزواج يكون باطلا إذا كذبت عليه: فلا أثر له على صحة الزواج ولا يلزم به شيء، واعلمي أنك إذا كنت صادقة في التوبة فسوف يقبل الله توبتك ويسترك في الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني