الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا سعادة في الدنيا إلا في طاعة الله ومحاسبة النفس والمبادرة بالتوبة والتزام الفرائض

السؤال

عمري 38 عاما، ولم أترك موبقة في العالم إلا ارتكبتها، وكانت حياتي منتهى السعادة الدنيوية، علما أنني لم أقصد إيذاء أحد في حياتي ومنتهى السعادة عندي إذا أستطعت فك كربة أحد، أو مساعدته حتى ولو على حساب سعادتي الشخصية، ولكن جاء وقت الحساب، والله يمهل ولا يهمل، وأنا في حالة من العذاب منذ أكثر من 6 سنوات من الديون، والأعمال الفاشلة، ولم تتوفر لي أي ثغرة لأتنفس منها. أدعو الله كثيرا ولكن غضب الله علي كبير، والشيطان تمكن مني تماما، إذا واظبت على الصلاة فما هي إلا عدة أيام وتحصل لي مصيبة أترك الصلاة على إثرها، وكأن ربي لا يتقبل مني. لا أدري ما أنا فاعل؟
رجاء أفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم -هداك الله- أنك لن تجد للسعادة طعما، ولا للراحة معنى إلا أن تتوب إلى ربك تعالى من هذه الموبقات، وبخاصة ترك الصلاة؛ فإن ترك الصلاة من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر؛ وراجع الفتوى رقم: 130853.

ولا تنال الحياة الطيبة إلا في ظل طاعة الله سبحانه، كما قال عز وجل: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}. والمصائب إنما تصيب العبد بسبب تفريطه وتقصيره، ومعصيته لربه سبحانه، كما قال عز وجل: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى:30}.

والعجيب أنك تصيبك المصيبة، فبدلا من أن ترجع إلى نفسك، وتنظر ما سببها من مخالفاتك، ومعاصيك لربك، إذا بك تتمادى في المعاصي، وتزيدها أعظم مما كانت بكثير، فتترك الصلاة- والعياذ بالله- والواجب عليك أن تجتهد في محاسبة نفسك لتنظر من أين أتيت، وما هي المعصية التي أوجبت أن تعاقب بتلك العقوبة، فعليك يا عبد الله أن تبادر بتوبة نصوح، مقلعا عن كل ما ترتكبه من المخالفات، محافظا على الصلوات، مجتهدا في فعل الطاعات، وتقبل على ربك تعالى نادما على ما فرط منك، مبالغا في الاستغفار، لاجئا إليه سبحانه في أن يتداركك برحمته، ويمن عليك بمغفرته.

واعلم أن باب التوبة مفتوح لا يغلق في وجه أحد ما لم تطلع الشمس من مغربها، فلو أنك تبت توبة نصوحا، فإن الله سبحانه يقبل توبتك، ويقيل عثرتك، ويتجاوز عن زلتك، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له كما جاء عن المعصوم صلوات الله عليه.

فتب، واصدق التوبة، وأكثر من الدعاء والاستغفار، واصحب أهل الخير والصلاح، وجاهد نفسك، وشيطانك، وهواك مهما دعتك هذه إلى المخالفة والرجوع إلى ما كنت عليه؛ فإنك بالمجاهدة تستقيم على الطاعة بإذن الله كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.

نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة النصوح، وأن يهدينا وإياك صراطه المستقيم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني