السؤال
حدثت مشكلة بين زوجي وأخي ومنعني زوجي من أخي نهائيا وحلف علي يمين طلاق إن اتصلت به فسأكون طالقا، وأنا أعمل حسابا لي على الفيس بوك رأيت صورة أخي فأرسلت له دعوة انضمام ثم ألغيتها فورا حين تذكرت حلف زوجي، فهل وقع اليمين؟ مع العلم أنه لم يحدث أي اتصال بأخي، وهذه آخر يمين لي، فقد وقع اثنان من قبل بالخطإ مني، فزوجي يظلمني في علاقتي بأهلي مع أنه ملتزم، نرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الحلف بالطلاق ـ سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد ـ يقع به الطلاق عند الحنث، وهذا مذهب جمهور العلماء، وأما شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ فيرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق، وانظر الفتوى رقم: 11592.
والمرجع في تعيين ما يحصل به الحنث إلى نية الحالف فيما تلفظ به، لأن النية تخصص العام وتعمم الخاص، وانظري الفتوى رقم: 35891.
فإن كان زوجك قصد بيمينه منعك من التواصل مع أخيك بكل وسيلة، فالحنث يحصل بمراسلته، وأما إن كان قصد منعك من مكالمته دون مراسلته، فلا يحصل الحنث بمراسلته، قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في مسألة من حلف لا يكلم فلانا: ..... فإن كتب إليه، أو أرسل إليه رسولا، حنث؛ إلا أن يكون قصد أن لا يشافهه، نص عليه أحمد........ ويحتمل أن لا يحنث إلا أن ينوي ترك ذلك.
فإذا كانت هذه الدعوة لم تصل لأخيك أصلا، وإنما حذفت قبل أن يشعر بها فلم يحصل الحنث بذلك ولا يترتب عليه طلاق، وأما إن كانت الدعوة قد وصلت لأخيك: فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنها في معنى المراسلة فيحصل بها الحنث، لكن إذا كنت أرسلت الدعوة لأخيك ناسية يمين زوجك فقد ذهب بعض العلماء إلى عدم حصول الحنث حينئذ، جاء في أسنى المطالب لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وكذا لا تطلق إن علق بفعل غير من زوجة أو غيرها وقد قصد بذلك منعه أو حثه وهو ممن يبالي بتعليقه فلا يخالفه فيه لصداقة أو نحوها وعلم بالتعليق ففعله الغير ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً، وإلا أي وإن لم يقصد منعه أو حثه أو كان ممن لا يبالي بتعليقه كالسلطان والحجيج أو لم يعلم به ففعله كذلك طلقت، لأن الغرض حينئذ مجرد التعليق بالفعل من غير قصد منع أو حث، لكن يستثنى من كلامه كالمنهاج ما إذا قصد مع ما ذكر فيمن يبالي به إعلامه به ولم يعلم به فلا تطلق، كما أفهمه كلام أصله، وجرى هو عليه في شرح الإرشاد تبعا لغيره، وعزاه الزركشي للجمهور. انتهى.
والله أعلم.