الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الإثم مرفوع عمن ارتكب معصية جاهلا بحرمتها

السؤال

كنت أحب فتاة، ولكن لم تكن تحبني، فقررت أن ‏أعمل لها محبة، ولم أكن أعرف أن هذا العمل ‏محرم، وأنه قد يتحول إلى سحر. ‏
المهم كنت مغتربا، كلمت ابن عمي، وأرسلت له ‏فلوسا ليذهب إلى ساحر ليعمل محبة لهذا الفتاة، ‏ولكن الحمد لله ابن عمي لم يفعل هذا الشيء. ‏بعد ذلك تراجعت عن هذا الشيء والحمد لله. ‏
فهل أنا آثم على ما كنت سأفعله بهذه الفتاة، للعلم ‏فإنها تزوجت من غيري، وأنا تزوجت بفتاة ‏أخرى. وبعد أيام من الزواج أصبت بسحر ‏ولايزال في. ‏
فهل هذا عقاب لي على ما كنت سأفعل لتلك ‏الفتاة؟ ‏
وجزاكم الجنة.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من عزم على المعصية، وبذل ماله في فعلها، ثم لم يتحقق له ما عزم عليه، يعتبر آثما.

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله:... قَالُوا إِنَّ الْعَزْمَ عَلَى السَّيِّئَةِ يُكْتَبُ سَيِّئَةً مُجَرَّدَةً، لَا السَّيِّئَةَ الَّتِي هَمَّ أَنْ يَعْمَلَهَا، كَمَنْ يَأْمُرُ بِتَحْصِيلِ مَعْصِيَةٍ ثُمَّ لَا يَفْعَلُهَا بَعْدَ حُصُولِهَا، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِالْأَمْرِ الْمَذْكُورِ لَا بِالْمَعْصِيَةِ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ: إِذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ، قِيلَ هَذَا الْقَاتِلُ، فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ................ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَهُوَ أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى عَزْمِهِ بِمِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلَا يُعَاقَبُ عِقَابَ مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ حِسًّا. اهـ.

وقد ذكر بعض أهل العلم أن الجهل بتحريم الشيء رافع للإثم، وإن كان قد يأثم لكونه أمكنه التعلم ولم يتعلم، ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: إن رجلاً أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل علمت أن الله قد حرمها؟ قال:لا.

يقول النووي رحمه الله: وفي هذا أن من ارتكب معصية جاهلاً تحريمها، لا إثم عليه ولا تعزير.
وابن عبد البر يقول في شرح الحديث السابق: وفي هذا الحديث دليل على أن الإثم مرفوع عمن لم يعلم. قال الله عز وجل: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً. ومن أمكنه التعلم ولم يتعلم، أثم. انتهى.
وأما عن السحر الذي أصابك، فليس عندنا ما يجزم به في كون سببه هو عزمك، وسعيك في عمل السحر لتلك الفتاة.

وننصحك بالتوبة إلى الله تعالى، ومعالجة السحر بالرقية الشرعية، وقد قدمنا الرقية بالفتوى رقم: 80694

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني