السؤال
طلقت زوجتي في طهر مسستها فيه، وهي لا تزال عذراء؛ لأنه لم يتم الإدخال، وكنت قد اختليت بها مرات كثيرة, ولكن قد تكون حشفة الذكر قد دخل جزء منها أو كلها -كان الجماع في اليوم الذي قبله- وكانت الرغبة الجنسية ما زالت موجودة في اليوم الذي طلقت فيه. فطلقتها بعد أن أساءت لي، وغضبت، ولكن لم يذهب عقلي, وطلقتها طلقة واحدة قاصدا التأديب, ثم خرجت الزوجة من بيتي إلى بيت عمها. وبعد ذلك بساعة عرفت أنه لا يجوز للمرأة أن تعتد إلا في بيت زوجها, فأخبرت عمها بذلك، فرفض، ورفضت هي أن تعتد في بيتي. وكان من أبيها نفس الأمر. فذهبت أنا وأبي إليهم مع تأكيدي لأبي أن لا يتكلم عن مراجعتها؛ لأني لم أنو المراجعة بعد, وأكدت عليه ذلك. فذهبنا إلى بيت أهلها، وطلب منهم أبي مراجعتها إلى بيتي (لا أعرف ما كانت نية أبي) فقمت أنا وقلت لهم بأنها لا يجوز لها أن تعتد في غير بيت زوجها، وأنه يجب عليها أن تذهب وتعتد في بيت زوجها، فهي شرعا ما زالت في ذمتي. فرفضوا أن تكمل عدتها عندي حتى يكون أمر الله, وقالوا إن ما أقوله ليس من الشرع.
أسئلتي هي:
السؤال الأول: هل هذا الطلاق بدعي وما حكمه (فأنا لم أكن أعرف إلا أنه لا يجوز التطليق في حيض فقط ) ؟ وماذا يجب علي فعله ؟ مع العلم أني أخاف إن راجعتها أن لا أستطيع تحمل تصرفاتها معي، وأن يكون ما لا تحمد عقباه، ويٌظلم الطرفان ؟
السؤال الثاني: ماذا يجب علي فعله معها بعد ذلك إن لم تحتسب الطلقة ورجعت إلى البيت، أو أحتسبت طلقة ؟
السؤال الثالث: ما الحكم في قول أبي بطلبه مراجعة زوجتي -وأنا لم أرغب بذلك في ذلك الحين، ولم أنطق كلمة المراجعة قط ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فطلاق المرأة في حيضها، أو في طهر حصل فيه جماع، طلاق بدعي، لكنه واقع عند أكثر العلماء، وهذا هو المفتى به عندنا؛ وانظر الفتوى رقم: 5584
والمقصود بالمسيس في الطهر –والله أعلم- هو الجماع في الفرج، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة.
قال السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر معددا أحكام تغييب الحشفة: .........ووقوع الطلاق المعلق به، وثبوت السنة والبدعة فيه.
وعليه، فإن كنت جامعت زوجتك في هذا الطهر الذي طلقتها فيه، جماعا حصل فيه إيلاج الحشفة (كلها) في الفرج، فطلاقك بدعي، لكن إن كنت أقدمت عليه جاهلا، فلا إثم عليك –إن شاء الله-
وأما إن كان الجماع حصل من غير إيلاج الحشفة في الفرج، أو اقتصر على إيلاج بعضها فقط، فالطلاق سني.
قال النووي –رحمه الله-: وُجُوبُ الْغُسْلِ، وَجَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجِمَاعِ، يُشْتَرَطُ فِيهَا تَغْيِيبُ الحشفة بكمالها في الفرج، ولا يشرط زيادة على الحشفة، ولا يتعلق ببعض الحشفة وحده شيء مِنْ الْأَحْكَامِ...
وقال البهوتي الحنبلي –رحمه الله-: ......لأنه بمنزلة إيلاج بعض الحشفة، ولا تتعلق به أحكام الوطء.
وعلى فرض أنك طلقتها في طهر مسستها فيه، فلا تلزمك مراجعتها.
قال ابن رشد: وَكُلُّ مَنِ اشْتَرَطَ فِي طَلَاقِ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، لَمْ يَرَ الْأَمْرَ بِالرَّجْعَةِ إِذَا طَلَّقَهَا فِي طُهْرٍ مَسَّهَا فِيهِ.
واعلم أن كلام أبيك عن الرجعة لا أثر له على مراجعتك لزوجتك، ولكن إن أردت رجعتها فبقولك: راجعت زوجتي، أو نحوها من الألفاظ الصريحة، أو الكناية مع نية الرجعة. ويستحب أن تشهد شاهدين على الرجعة؛ وانظر الفتوى رقم: 54195
والواجب على زوجتك أن ترجع إلى بيتك سواء كان الطلاق غير نافذ، أو كان نافذا رجعيا، والرجعية في حكم الزوجة، فيجوز لك الخلوة والاستمتاع بها، والسفر بها.
قال ابن مفلح -رحمه الله-: والرجعية زوجة، يلحقها الطلاق، والظهار، والإيلاء، ويباح لزوجها وطؤها، والخلوة بها، والسفر بها.
فإذا انقضت عدتها دون أن تراجعها، فقد بانت منك. وأما إن راجعتها قبل انقضاء عدتها، فهي زوجتك سواء رضيت أو لم ترض، ولا يجوز لها أن تخرج من بيتك دون إذنك لغير ضرورة، وعليك أن تعاشرها بالمعروف. وإذا نشزت عليك، فتسلك معها وسائل الإصلاح المبينة في الفتوى رقم: 1103
والله أعلم.