السؤال
لي صديق متزوج منذ 4 سنوات، وهو من مرضى الوسواس القهري، وبعد الزواج أصبح يوسوس في الطلاق بشكل غير طبيعي، وبالذات في كناية الطلاق لدرجة أنه طلق زوجته كناية خلال يومين مرات عديدة، لأنه كان يعتقد أن زوجته حرمت عليه، وقد أفتاه المفتون بعدم وقوع طلاقه وعدم وقوع الطلاق ممن كان مثله إلا عند القاضي، وهذا الكلام كان قبل 3 سنوات، وهو يتعذب ويذهب من مفت إلى مفت ويقول في نفسه إن الطلاق قد وقع مني اختيارا وليس وسوسة، ولا يعرف ما الذي حصل بالضبط، وهو سؤال واحد فقط على فرض أن الطلاق الذي وقع منه اختيارا، فهل له الأخذ بفتوى عدم وقوع الطلاق الثلاث، كما قال ابن تيمية حتى يرتاح؟ فهو الآن بين أمرين إما أن يطلقها أو يأخذ بهذه الفتوى، لأن عذابه أصبح لا يطاق، ولا تقولوا إنه ما دام قد استفتى فالأمر قد انتهى، فهل يمكن أن يأخذ بفتوى ابن تيمية لأنها الأيسر وليس من باب تتبع الرخص؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالطلاق لا يقع مع الشك، وإذا طلق الموسوس بسبب الوسوسة لا اختيارا فطلاقه غير نافذ، وراجع الفتوى رقم:56096.
فعلى هذا الرجل أن يعرض عن هذه الوساوس ولا يلتفت إليها، وإذا طلق اختيارا فأفتاه أهل العلم في طلاقه فليعمل بفتواهم، ولا حرج عليه في العمل بقول شيخ الإسلام ابن تيمية باعتبار تكرار الطلاق قبل الارتجاع واحدة.
وقد ذكرنا من قبل أنه يجوز للموسوس أن يعمل بأيسر الأقوال وأرفقها به، كما بيناه في الفتوى رقم: 181305.
وأما لجوء هذا الرجل للطلاق اختيارا ليريح نفسه من الوساوس فمسلك خاطئ، قال الشيخ ابن عثيمين: وقد ذكر لي بعض الناس الذين ابتلوا بمثل هذا أنه قال مرة من المرات: ما دمت في قلق وتعب سأطلق، فطلق بإرادة حقيقية تخلصاً من هذا الضيق الذي يجده في نفسه، وهذا خطأ عظيم، والشيطان لا يريد لابن آدم إلا مثل هذا أن يفرق بينه وبين أهله ولا سيما إذا كان بينهم أولاد، فإنه يحب أن يفرق بينهم أكثر لعظم الضرر، والعدو -كما هو معلوم لكل أحد- يحب الإضرار بعدوه بكل طريق وبكل وسيلة، والطريقة التي فعلها هذا الذي ذكر لي الطريقة ليست بصواب، وليس دواء من ابتلي بالوسواس أن يوقع ما يريده الشيطان منه، بل دواؤه أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
والله أعلم.