السؤال
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع.
أريد أن أستفتيكم في مسألة: أنا فتاة غير متزوجة، وتأتيني الدورة لمدة 6 إلى 7 أيام كل شهر، ولكن في الغالب ستة أيام، وفيما ندر تكون 7. وأرى غالبا الطهر في نهاية اليوم السادس، ويكون طهري بالجفوف، فأغتسل، وأصلي الفروض.
ولكن بعدها في اليوم التالي أرى كدرة، وتكون قليلة، ولكنها تكون أحيانا نصف يوم، وأحيانا تكون يوما كاملا.
سؤالي يا شيخ: هل يجب علي في هذا اليوم أن أصلي، وأصوم، وأكون طاهرة وهذا يدخل في حديث أم المؤمنين -رضي الله عنها-: كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا. أم إنه يجب علي أن لا أصلي ولا أصوم، وأغتسل مرة أخرى.
أفتوني مأجورين بإذن الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفتى به عندنا أن الصفرة والكدرة لا تعد حيضا إلا كانت في مدة العادة قبل الطهر، أو كانت متصلة بالدم.
قال ابن قدامة في المغني: (والصفرة، والكدرة في أيام الحيض، من الحيض) يعني إذا رأت في أيام عادتها صفرة أو كدرة، فهو حيض، وإن رأته بعد أيام حيضها، لم يعتد به. نص عليه أحمد. وبه قال يحيى الأنصاري، وربيعة، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وإسحاق. وقال أبو يوسف، وأبو ثور: لا يكون حيضا، إلا أن يتقدمه دم أسود؛ لأن أم عطية، وكانت بايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كنا لا نعتد بالصفرة والكدرة بعد الغسل شيئا. رواه أبو داود، وقال: بعد الطهر. ولنا، قوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} [البقرة: 222] ، وهذا يتناول الصفرة والكدرة. وروى الأثرم، بإسناده، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تبعث إليها النساء بالدرجة فيها الكرسف، فيها الصفرة والكدرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، تريد بذلك الطهر من الحيضة. وحديث أم عطية إنما يتناول ما بعد الطهر والاغتسال، ونحن نقول به، وقد قالت عائشة: ما كنا نعد الكدرة والصفرة حيضا. مع قولها المتقدم، الذي ذكرناه. وحكم الصفرة والكدرة حكم الدم العبيط في أنها في أيام الحيض حيض، وتجلس منها المبتدأة كما تجلس من غيرها. وإن رأتها فيما بعد العادة فهو كما لو رأت غيرها على ما سيأتي ذكره، إن شاء الله. وإن طهرت ثم رأت كدرة أو صفرة، لم يلتفت إليها؛ لخبر أم عطية، وعائشة .اهـ.
فإذا تحققت من الطهر - بالجفوف، أو بالقصة البيضاء - ثم رأيت الصفر والكدرة فإنك لا تعدينها حيضا، بل تكونين طاهرة، فتصلين وتصومين.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: ترى المرأة بعد انتهاء دم الحيض لونا يميل للبني، صغير البقعة، قليل الكمية دون أن ترى علامة للحيض، وقد يستمر يومين أو أكثر، فماذا يكون عليها. هل تصلي، وتصوم أم تنتظر إلى أن ترى الطهر الجاف أو العلامة؟
فأجابت: إذا طهرت المرأة من حيضتها، فرأت بعد الطهر وعلامة الجفاف، أو القصة البيضاء بعض الإفرازات - فإنها لا تعدها حيضا، وإنما حكمها حكم البول، عليها الاستنجاء منها، والوضوء الشرعي، وهذا أمر يحصل لكثير من النساء، وتمضي في طهرها بأداء الصلوات، وصيام رمضان، وقد صح عن أم عطية - رضي الله عنها - أنها قالت: (كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا) رواه أبو داود بسند صحيح، ورواه البخاري لكن دون قولها بعد الطهر. اهـ.
وقد سئلت أيضا: أتتني الدورة في رمضان، وكانت مدتها التي تبقى علي فيها هي ستة أيام في شهر رمضان، فإنها لم تأت سوى خمسة أيام، واليوم السادس فيه شك، فقد قمت صباح اليوم السادس في تمام الساعة السادسة صباحا، ووجدتها قد انقطعت، ولم ينزل سوى الكدرة، وأنا غير متأكدة هل انقطعت قبل طلوع الفجر أم بعد طلوعه. فماذا علي، وهل علي أن أقضي هذا اليوم الذي شكيت فيه ؟
فأجابت: ما دام أن اليوم السادس من الدورة الشهرية، وأن الكدرة متصلة بالعادة، حيث لم تري الطهر قبلها - فإن عليك قضاء اليوم السادس الذي صمتيه؛ لأنه من العادة الشهرية.اهـ.
وانظري الفتوى رقم: 134502
وفي الملخص الفقهي للشيخ الفوزان: والطهر هو انقطاع الدم، فإذا انقطع دمها؛ فقد طهرت، وانتهت فترة حيضها؛ فيجب عليها الاغتسال، ثم تزاول ما منعت منه بسبب الحيض، وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة؛ لم تلتفت إليها؛ لقول أم عطية رضي الله عنها: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الصفرة شيئا"، رواه البخاري" انتهى .
وهذه الكدرة حيث لا تعد حيضا، فإنها ناقضة للوضوء، كما أنها نجسة يجب تطهير البدن والثياب منها؛ وانظري الفتوى رقم: 178713.
والله أعلم.