الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصوم في كفارة اليمين بدلا من الإطعام

السؤال

أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري, وعليّ أيام كثيرة من الصيام بسبب الحلف؛ لأني كثيرة الحلف بقصد وبدون قصد, وتصل هذه الأيام إلى ما يقارب الشهرين, وأعلم أن ذلك خطأ مني, ولكني في لحظة الغضب لا أستطيع أن أمسك نفسي, فكيف أفعل ورمضان على الأبواب, وهل أصوم بعد رمضان؟ وهل يجوز الصيام بدلًا من الإطعام؟ لأني أجد صعوبة في فهم الواجب عليّ فعله, ولا أعلم إذا كان الأهل سيوفرون لي الدعم للإطعام؟ وأنا خائفة أن أخبرهم بسبب عدد الأيام التي يجب عليّ صيامها, فماذا أفعل؟ علمًا أني مصابة بالوسواس القهري في الوضوء والطهارة والصلاة, ودائمًا أحلف في قلبي بدون قصد, وتأتيني لحظات أتذكر فيها أشياء حلفت عليها, ولم أصمها, فماذا أفعل بالحلف القديم؟ وأخبروني بالحلف الذي يجب فيه الكفارة؛ لأني أحيانًا أحلف من دون قصد, أو ناسية إذا كنت حلفت أم لا, وقد حلفت في أحد الأيام أن لا أقوم بإعادة الصلاة بسبب وسوسة الشيطان, إلا أني قمت وأعدتها, فهل يجب عليّ صيام ثلاثة أيام؟ ساعدوني فأنا صغيرة في العمر, ولا أجد شخصًا يفهمني, ولا أستطيع إخبار أحد من الأهل - جزاكم الله خيرًا -.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله سبحانه أن يعافيك من الوساوس.
وبخصوص الوسوسة في اليمين وغيرها ننصحك بمراجعة الفتاوى ذات الأرقام: 114413 - 140550 - 51601.
واعلمي أنه لا ينبغي للمسلم الإكثار من الحلف كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 6869, والفتوى رقم: 1638.
والحلف بدون قصد إنما هو من لغو اليمين وليس يمينًا منعقدة، وعلى ذلك فلا كفارة فيه, وقد بينا أقسام اليمين وما تجب فيه الكفارة في الفتوى رقم: 11096.
والحلف في القلب لا كفارة فيه أيضًا؛ لأن اليمين لا تنعقد إلا باللفظ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها مالم تعمل أو تكلم. رواه البخاري وغيره.
وإذا شككت هل تلفظت بالحلف أم لا فلا تلزمك كفارة؛ لأن الأصل براءة الذمة, لا سيما وقد ذكرت أنك مصابة بالوسواس, وانظري الفتوى رقم: 175693.
وأما الحلف حال الغضب: فإن كنت تقصدين ما تقولين فإنه منعقد, وراجعي تفصيل حالات اليمين في الغضب في الفتوى رقم: 96199.
وأما حلفك على عدم إعادة الصلاة ثم إعادتها فلا كفارة فيه ما دام بسبب تأثير الوسوسة, وقد سبق بيان الواجب فيها في الفتوى رقم: 2053.
ولا يجزئ الصيام في كفارة اليمين مع القدرة على الإطعام كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 51326.
وعلى ذلك: فإن كان معك ما يكفي للإطعام فهو الواجب عليك, وإذا كان معك ما يكفي للتكفير عن بعض الأيمان فأطعمي عن تلك الأيمان, وصومي عن الباقي, أما إذا لم يكن معك ما يكفي لشيء من ذلك فعندئذ يجزئ الصوم.
وعليك بالمبادرة بإخراج الكفارة كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 42979.
وإذا لم تتمكني من التكفير إلا بالصوم, فصومي من الآن ما يتيسر, ثم أكملي الباقي بعد رمضان؛ لأنه لا يجوز صوم الكفارات خلال شهر رمضان لتعين الوقت لصوم الفريضة, وانظري الفتوى رقم: 139902.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني