السؤال
هل كره ابن حجر والشوكاني وابن قدامة والمجد ابن تيمية حلق اللحية, وأجاز ابن حجر دون كراهة قطع ما دون القبضة كسيد سابق؟
هل كره ابن حجر والشوكاني وابن قدامة والمجد ابن تيمية حلق اللحية, وأجاز ابن حجر دون كراهة قطع ما دون القبضة كسيد سابق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان قصد السائل ابن حجر الهيتمي الشافعي فقد ورد عنه القول بكراهة حلق اللحية، كما جاء في تحفة المحتاج في شرح المنهاج قال: فَرْعٌ: ذَكَرُوا هُنَا فِي اللِّحْيَةِ وَنَحْوِهَا خِصَالًا مَكْرُوهَةً, مِنْهَا نَتْفُهَا وَحَلْقُهَا.
وجاء في حاشية الشرواني: المعتمد عند الغزالي, وشيخ الإسلام, وابن حجر في التحفة, والرملي, والخطيب وغيرهم: الكراهة. .. لكن ثبت في الصحيحين الأمر بتوفير اللحية, أي بعدم أخذ شيء منها, وهذا مقدم؛ لأنه أصح.
وإذا كان قصد السائل الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي فلم نقف له - فيما تيسر لنا البحث فيه من المراجع - على قول له بكراهة حلق اللحية، ولكننا لا نستبعد أن يكون ممن يرى الكراهة؛ لأن الإمام النووي والإمام الرافعي اللذين نقلت الكراهة عنهما هما من أهم أعمدة المذهب الشافعي، وقد اعتمد عليهما المتأخرون في الفتوى على المذهب، ولأن أصح الأقوال عند الشافعية: أن حلق اللحية مكروه, كما جاء في الموسوعة الفقهية وغيرها
وما وقفنا عليه من كلام الحافظ - رحمه الله - في هذا الموضوع هو ما جاء في فتح الباري حيث قال: وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ عَنِ الْغَزَالِيِّ, وَهُوَ فِي ذَلِكَ تَابِعٌ لِأَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ فِي الْقُوتِ, قَالَ: يُكْرَهُ فِي اللِّحْيَةِ عَشْرُ خِصَالٍ: خَضْبُهَا بِالسَّوَادِ لِغَيْرِ الْجِهَادِ, وَبِغَيْرِ السَّوَادِ إِيهَامًا لِلصَّلَاحِ, لَا لِقَصْدِ الِاتِّبَاعِ, وَتَبْيِيضُهَا اسْتِعْجَالًا لِلشَّيْخُوخَةِ لِقَصْدِ التَّعَاظُمِ عَلَى الْأَقْرَانِ, وَنَتْفُهَا إِبْقَاءً لِلْمُرُودَةِ.
ولم نقف على قول للشوكاني بكراهة حلق اللحية، ولعل السائل الكريم يقصد ما نقله في نيل الأوطار من قول القاضي عياض بالكراهة حيث قال: قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يُكْرَهُ حَلْقُ اللِّحْيَةِ وَقَصِّهَا وَتَحْرِيفِهَا. وَأَمَّا الْأَخْذُ مِنْ طُولِهَا وَعَرْضِهَا فَحَسَنٌ, وَتُكْرَهُ الشُّهْرَةُ فِي تَعْظِيمِهَا, كَمَا تُكْرَهُ فِي قَصِّهَا وَجَزِّهَا..
وكذلك لم نقف على قول صريح لابن قدامة بكراهة حلق اللحية غير ما قد يفهم من قوله في الشرح الكبير: ويستحب إعفاء اللحية .. وهل يكره أخذ ما زاد على القبضة، فيه وجهان: أحدهما يكره .. والثاني لا يكره.
ولم نقف على قول للمجد ابن تيمية في هذا الموضوع .
وأما قولك: وأجاز ابن حجر دون كراهة قطع ما دون القبضة .. فإن الأخذ من طول اللحية وعرضها محل خلاف معروف بين أهل العلم كما تلاحظ في بعض النقول المذكورة.
وذكر الشوكاني في نيل الأوطار شيئا من هذا الخلاف بعد كلامه السابق قال: وقد اختلف السلف في ذلك, فمنهم من لم يحد بحد, بل قال: لا يتركها إلى حد الشهرة ويأخذ منها، وكره مالك طولها جدًّا, ومنهم من حد بما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة. اهـ
وعلى كل حال فجمهور العلماء قديمًا وحديثًا من الحنفية, والمالكية, والحنابلة, وقول قوي عند الشافعية على وجوب إعفاء اللحية, وحرمة حلقها، وقد نقل ابن أبي مدين في نظمه مُحصّل الشعور في ما يفعل بالشعور عن الزرقاني المالكي قولين؛ قولًا بالمنع, وقولًا بالكراهة, فقال: في حلق لحية أتى قولان بالكره, والمنع لدى الزرقاني.
والخلاصة: أن القول بكراهة حلق اللحية قول مرجوح، وإن كان قال به بعض أهل العلم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني