السؤال
كيف ندفع التعارض بين توجيه النبي صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة - رضي الله عنها - حين دعت أن يمتعها الله بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبيها وأخيها فقال لها: "إنك سألت الله لآجال مضروبة" .. الحديث, وفيه أرشدها إلى سؤال المعافاة من عذاب القبر والنار, وبين دعائه هو نفسه صلى الله عليه وسلم: "ومتعنا اللهم بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا".. الحديث؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك تعارض بين الحديثين، فالحديث الأول رواه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قالت أم حبيبة: اللهم متعني بزوجي رسول الله، وبأبي أبي سفيان، وبأخي معاوية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنك سألت الله لآجال مضروبة، وآثارٍ موطوءة، وأرزاق مقسومة، لا يعجل شيئًا منها قبل حله، لا يؤخر شيئًا بعد حله، ولو سألت الله أن يعافيك من عذاب في النار، وعذاب في القبر لكان خيرًا لك.
ففي هذا الحديث أرشدها النبي عليه الصلاة والسلام إلى الأفضل، وهو سؤال ما ينفعها في آخرتها, وهو سؤال المعافاة من عذاب النار وعذاب القبر؛ لأن الدعاء بالنجاة من عذاب النار عبادة أمرنا الله بها، وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة، وإن كان جائزًا كما سبق في الفتوى رقم: 16122.
وأما الحديث الثاني ففيه سؤال ما يعين على معرفة الله تعالى وطاعته, وهذا سبيل النجاة من عذاب الله, ومفتاح السعادة في الدنيا والآخرة، وذلك لأن معرفة الله عز وجل إنما تدرك دلائلها وبراهينها عن طريق الحواس, ومن أعظمها حاستي السمع والبصر، ثم إن القوة أيضًا مطلوبة للتمكن من طاعة الله وعبادته, وانظر الفتوى رقم: 72031.
فسبيل النجاة من عذاب الله هو معرفة العبد ربه سبحانه وتعالى وطاعته، وكذلك سؤاله عز وجل المعافاة من العذاب، فظهر أن الدعاءين يلتقيان في غاية واحدة.
والله أعلم.