السؤال
يا شيخ: أنا شاب عمري 16 سنة، وقبل سنة ونصف على ما أعتقد ابتليت بمرض الوسواس في العقيدة والدين، لا أدري ماذا كان يحدث لي من الوساوس؟ في الماضي كان يوسوس لي الشيطان عن أشياء كبيرة وعظيمة، تركت الشيطان يوسوس لي ولم ألتجئ إلى الله رب العالمين، وعندما أسمع القرآن يبدأ جسمي وكأنه سينفجر، والآن في هذا الوقت يقول لي والعياذ بالله إنه ليس هناك إله، كنت أخاف وأفزع وأترك كل شيء بيدي وأقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، أما الآن: فعندما يوسوس لي هذه الوساوس لم أعد أخاف مثل ذلك الخوف تماما، وقد تعب قلبي وكأن الشيطان يطعن قلبي كل يوم عندما أهلل، بدأت أصلي في المغرب السنة قبل الإقامة، لكنني لم أهتم بها من كثرة الخوف الذي سيطر علي من هذه الوسواس حتى الصلاة لم أهتم بها إلا قليلا من كثرة الخوف وأقول لا إله إلا الله، أقولها من دون أن يطمئن قلبي، يقول لي بعض المشايخ اشتغل بذكر الله وحصن نفسك بالأذكار، ولكنني في أوقات الدراسة لدي كثير من الواجبات وفي الإجازة الجمعة والسبت أشغل بالمذاكرة للامتحانات وعندي برنامج لا أستطيع أن أتركه، أنا محافظ على صلواتي الخمس وأصلي السنن وأدعو الله تعالى في سجودي أن يشفيني، لكني أخاف سلب الإيمان وأخاف من الكفر ـ والعياذ بالله ـ أشعر أنني سوف أقع في مصيبة كبيرة لا يخرجني منها إلا رب العالمين، فهل أنا على إيمان؟ لقد سمعت في قناة إسلامية أن صريح الإيمان معناه أن الشيطان لا يجد طريقة لكي يوقع الشخص في الشرك أو يمنعه من الطاعة وغيرها، أشعر بالضيق والملل، أكلت الحرام: أخذت من أبي مجموعة من المال الذي يحفظه وتبت، والمال مخبأ عند أمي ولا تريدني أن أعطيه إياه، لأنه ظالم، وهذا صحيح، وإن علم بذلك فسوف يقتلني، نصف أموال أبي يرميها للناس ولا أدري ما تفكيره، لقد نصبت عليه أسرته بأن قالوا له أعطنا المال وسوف نعطيك قسمك من الأرض، وأنفق عليهم تقريبا 300000 درهم، و 30 سنة جلس ينفق عليهم، وكنا صغارا مثل اليتامى، يعطينا الطعام والشراب ولا يقصر في ذلك، ولكنه لا يعطينا الملابس، وتقول لي أمي إن أبي سفيه، وإن أعطيته المال فسوف يصرفه فيما لا ينفعه، ولا أظن أن المال المحفوظ سيصرفه فيما لا ينفعنا، فهل أرد المال لأبي؟ أم أسمع كلام أمي؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنطمئنك أيها السائل الكريم بأنك على إيمان ـ إن شاء الله ـ طالما أن قلبك يرفض تلك الوساوس ويبغضها، وتأمل في الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك كيف جعل رسول الله بغض الشخص لهذا الذي يجده في صدره وتحرجه من الكلام به هو صريح الإيمان، وبالتالي فإن إيمانك لا يتأثر بهذه الوساوس ـ إن شاء الله ـ طالما أنك كاره لها ساع في دفعها ودحضها، بل لعل هذا باب من أبواب الطاعة ومجاهدة النفس قد فتحه الله لك ليرى صبرك وثباتك، فعليك أن تستعين بالله عز وجل وتستمر في مدافعة تلك الوساوس، ونبشرك أيضا بأنك مأجور ـ إن شاء الله ـ طالما أنك تجاهد تلك الوساوس، وراجع بشأن الوساوس وعلاجها الفتويين رقم: 110257، ورقم: 106886.
وننصح السائل الكريم بكثرة ذكر الله تعالى والالتجاء إليه بالدعاء، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من الدعاء بثبات القلب على دين الله تعالى، فقد سئلت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت: فقلت: يا رسول الله، ما أكثر دعائك يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك! قال: يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ ـ فتلا معاذ ـ أحد رواة الحديث: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا. رواه الترمذي وأحمد.
فبذكر الله تعالى والأنس به وكثرة دعائه يطمئن قلبك ويزداد إيمانك وتجد لذة العبادة، كما ننصحك بصحبة الصالحين.
وأما أخذ الولد من مال والده بغير إذنه: فلا يجوز إلا إذا كان الولد قد أخذ من مال أبيه ما يحتاجه، لأن أباه لا يقوم بما أوجب الله عليه من النفقة على الأولاد، فمثل هذا ليس بسرقة بالاتفاق، لأن الولد إنما أخذ حقه، قال صلى الله عليه وسلم لهند امرأةأبي سفيان عندما قالت له: إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. رواه البخاري وأحمد. وفي رواية للبخاري: لا حرج عليك.
قال القرطبي فيما نقله عن الحافظ ابن حجر في الفتح: قوله: خذي ـ أمر إباحة بدليل قوله لا حرج. انتهى.
فإذا كنت قد أخذت من مال أبيك على وجه محرم، فيلزمك رده إليه بأي طريقة مناسبة، مع بذل النصيحة له في ماله بأسلوب طيب، وإذا تحقق لديكم أن الوالد سفيه، فيمكنكم رفع أمره إلى القضاء الشرعي ليقوم بالحجر عليه، أما أخذكم ماله وحجبه عنه من تلقاء أنفسكم فلا يجوز، وانظر الفتويين رقم: 97552، ورقم: 43792، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.