الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كتابة الأملاك للزوجة والبنات دون غيرهم من الورثة

السؤال

لي خمس بنات وزوجة, ولي من الأملاك عمارتان: واحدة أسكن فيها, والأخرى مستثمرة, ولي أخوان وأخوات أشقاء وغير أشقاء, فهل يجوز شرعًا أن أسجلها بشهادة الشهود لبناتي وزوجتي؟ حيث ليس لدي أبناء, وهذا الأمر برغبتي, وأنا أتمتع بالصحة والعافية؛ وذلك للاطمئنان على مستقبل أسرتي بعدي, ولي والدة على قيد الحياة لا أمانع أن تأخذ نصيبها كاملًا مع بناتي وزوجتي.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج من حيث الأصل في هبة الشخص جميع ماله أو بعضه في حياته لأبنائه وزوجته دون بقية الورثة، جاء في الإنصاف للمرداوي: لا يكره للحي قسم ماله بين أولاده على الصحيح من المذهب, قدمه في الفروع, وقال: نقله الأكثر, وعنه: يكره, قال في الرعاية الكبرى: يكره أن يقسم أحد ماله في حياته بين ورثته إذا أمكن أن يولد له, وقطع به, وأطلقهما الحارثي, ونقل ابن الحكم: لا يعجبني فلو حدث له ولد سوى بينهم ندبًا, قال في الفروع: وقدمه بعضهم, وقيل: وجوبًا, قال الإمام أحمد - رحمه الله -: أعجب إلي أن يسوى بينهم, واقتصر على كلام الإمام أحمد - رحمه الله - في المغني، والشرح, قلت: يتعين عليه أن يسوي بينهم. اهـ.
لكن يشترط لصحة تلك الهبة العدل بين الأبناء فيها، ويشترط فيها أن يقبضها الموهوب لهم في حياة الواهب، فإن الهبة لا تلزم إلا بالقبض، فلو مات الواهب قبل قبض الموهوب له للهبة فإنها تصبح مالًا للورثة, كما بيناه في الفتوى: 100430، والقبض لا يحصل بمجرد الكتابة، ولمعرفة ما يحصل به قبض الموهوب له للهبة راجع الفتاوى ذوات الأرقام: 59810 59583 72824 138620.
وينبغي التنبه إلى أنه لا يجوز أن يكون القصد بالهبة حرمانَ بقية الورثة من الميراث، كما بيناه في الفتوى رقم: 106777.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه: ربي رزقني - ولله الحمد - بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتي قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث الثاني: الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث, وطبعًا أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في الميراث؛ لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني - جزاكم الله خيرًا -.

فأجابت: لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله لحرمان بعض الورثة, والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقًا تعذب بسببه. انتهى.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام: 12549 19637 50206 105914.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني