السؤال
أنا شاب عقدت على فتاة عقدًا شرعيًا وقد قررنا أن لا نقيم الوليمة والإشهار حتى يحل فصل الصيف، لكنني خلوت بها أكثر من مرة بعد العقد وقبل موعد الوليمة، وذلك لأدخل بها، وحينها قمنا بكل شيء إلا أننا فشلنا في عملية الإيلاج، وبعدها وقعت عدة مشاكل بيننا في الشهر الأول بعد العقد، فقلت لها مرة: "أنت مطلقة إن لم تأتِ عندي"، ثم رجعتها حين أتت، ومرة قلت لها: "أنت طالق إن لم أجامعك هذه الليلة"، ثم في آخر المطاف ذهبنا إلى الفندق بنية أن أدخل بها، لكنني لم أنجح في الإيلاج، وبعدها بأيام قلت لها: "لا تكملي دراستك وإلا فسأفكر في الطلاق مرة أخرى"، فاستجابت إلا أنني عفوت عنها وسمحت لها بإكمال دراستها، فهل لا زالت هذه المرأة في عصمتي؟ وكم طلقة بقيت لها؟ وهل يقع الطلاق بتعليقه على حدوث أمر ما من عدمه؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قد خلوت بزوجتك خلوة صحيحة بمعنى أنها خلوة يمكن الوطء فيها عادة، فحكمها حكم الدخول عند الجمهور، وانظر الفتوى رقم: 43473.
واعلم أن أكثر أهل العلم على أن الزوج إذا علّق طلاق زوجته على شرط طلقت زوجته عند تحقق ذلك الشرط، سواء قصد الزوج إيقاع الطلاق، أو قصد مجرد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، وهذا هو المفتى به عندنا، لكن بعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أن الزوج إذا لم يقصد إيقاع الطلاق، وإنما قصد بالتعليق التهديد، أو التأكيد، أو المنع فلا يقع الطلاق بحصول المعلق عليه، وإنما تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.
ولكن إن كان الذي منعك من البر بيمينك هو العجز عن إمكان الجماع، فلا حنث عليك في الطلقة الثانية، على ما جاء في تحفة المحتاج ـ وهو من كتب الشافعية ـ حيث قال: وَلَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ فُلَانًا دَيْنَهُ يَوْمَ كَذَا فَأَعْسَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ، كَمَا أَفْتَى بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَلَامُهُمَا نَاطِقٌ بِذَلِكَ فِي فُرُوعٍ كَثِيرَةٍ ..... مع أن الحنث، أو عدم الحنث في هذه المسألة من المسائل الخلافية كما يفهم من كلام صاحب التحفة.
وقولك لزوجتك: "أنت مطلقة إن لم تأت عندي" يقع به الطلاق إذا لم تأت زوجتك إليك في الوقت الذي قصدته بيمينك، أو في آخر أوقات الإمكان إن لم تعين وقتًا، وانظر الفتوى رقم: 203128.
ولم يتضح لنا المقصود بقولك: "ثم رجعتها حين أتت" وعلى أية حال، فإن كانت زوجتك قد أتت إليك في الوقت الذي قصدته فقد بررت في يمينك, ولم يقع طلاق، وإن خالفتك فيما حلفت عليه وقع الطلاق.
وأما قولك: "فسأفكر في الطلاق" فهو وعد وتهديد لا يقع به الطلاق، كما بيناه في الفتوى رقم: 201490.
والحاصل أن الطلقة الأولى فيها تفصيل، فإن كانت زوجتك أتت في الوقت الذي قصدته، لم يقع عليك طلاق، والطلقة الثانية وهي قولك: "إن لم أجامعك الليلة فأنت طالق" لا تقع إن كنت حاولت الجماع ولم تستطع، وأما قولك في المرة الثالثة: "لا تكملي دراستك وإلا فسأفكر في الطلاق" فلا يقع به طلاق.
والله أعلم.