الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم التعلق بأجنبية ومراسلتها من أجل الزواج

السؤال

أنا شاب عمري 17 عاماً ـ ولله الحمد ـ ملتزم، وعندما كنت صغيرا في 12 من عمري وقعت في حب فتاة معي في المدرسة، وتركتها بعدها أن اجتمعنا عاما واحدا فقط، ولم أحب فتاة، ولم أتواصل مع أي فتاة، ولم أكلم أي فتاة طوال حياتي, إلا هذه الفتاة، وبقيت في ذهني إلى الآن ولا أستطيع أن أنساها، وهذه سبب لي الكثير من المشاكل، دخلت في مرض العشق حقيقة، فهي لا تبعد عن ذهني ولا لحظة, وأحببتها لدرجة غير طبيعية حبا لا أستطيع أن أصفه, وأكاد أجزم أنه لا أحد في الكون قد أحب مثلما أحببت, علماً أنني أحبها حباً طاهراً عفيفاً، وأقسمت أن لا أتزوج غيرها, ومشكلتي الآن أنني لا أريد أن ألقاها وأتواصل معها أبداً، لأنني أخاف الله, وأدعو الله أن يزوجني بها، ولكنني لا أستطيع أن أخطبها لصغر سني، وحالتنا المادية لا تمكنني من ذلك، وأخاف عليها أن تتزوج، ومن المستحيل أن أكلم أهلي في موضوع كهذا, حاولت فعل الكثير لكي أنساها وبحثت وسمعت الكثير من الدروس من الأنترنت، ولكن لا جدوى، فأنا لا أستطيع أن أسيطر على حبي، ولم أستطع نسيانها أبداً، وسؤالي هو: كيف لي أن أنساها؟ وهل من الحرام أن أرسل لها رسالة أذكرها بنفسي وأطلب منها أن تنتظرني؟ علماً أنني لا أملك سوى اسم حسابها غلى الفيس بوك، ولم أضفها, وهل من الحرام أن أدعو الله أنها إذا لم تكن من نصيبي أن يجمعني بها يوم القيامة، وأن يجعلها من نصيبي في الجنة، لأنني أعلم أن المرأة تتزوج زوجها في الدنيا؟ أفيدوني جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي ننصح به السائل الكريم أنه إذا كان بإمكانه أن يخطب ويتزوج هذه البنت، فليبادر إلى ذلك، وليستعن بالله في العون على تكاليف الزواج، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم نر للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه، وصححه البوصيري والألباني.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء.

وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه قال: أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم في ذلك الغنى، فقال: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وأخرج أيضا بسنده عن ابن مسعود أنه قال: التمسوا الغنى في النكاح، يقول الله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.
وذكر ابن كثير في تفسيره: أن أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ قال: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى، قال تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. انتهى.

وأخرج عبد الرزراق، وذكره القرطبي في تفسيره: أن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: عجبي ممن لا يطلب الغنى في النكاح، وقد قال الله تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله. اهـ.

أما إن لم تتمكن من الزواج: فعليك بالصبر والصوم حتى يجعل الله لك مخرجاً، فقد قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور:33}.

وللمزيد من الفائدة في علاج العشق راجع الفتويين رقم: 9360، ورقم: 132387.

وأما سؤالك الله أن يجعلها من نصيبك في الجنة: فلا ينبغي، لأن الله تعالى كتب لكل امرأة أن تكون زوجا لزوجها الذي كانت عنده في الدنيا، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطور:21}.

وأنت لا تدري فلعلها تتزوج غيرك، وراجع في حكم محادثة الأجنبية عبر الإنترنت والمراسلة بغية الزواج الفتاوى التالية أرقامها: 8768، 1932، 1759، 1072.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني