السؤال
ابن عمي عنده 13 عاما، ولكن يقول إنه لا تظهر عليه أي علامة بلوغ إلا ظهور شعر العانة، ولكنه ليس بالخشن كثيرا. هل هو مكلف؟
مع العلم أنه لم يحتلم، ولم تظهر عليه أي زيادة في الوزن، أو في الطول، ولم يبرز شاربه، ولم يظهر شعر تحت الإبط نهائيا.
أرجو سرعة الرد وأن يكون مفصلا.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم مختلفون اختلافا طويلا في اعتبار إنبات الشعر حول الفرج علامة للبلوغ.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وقد اختلف الفقهاء في اعتبار الإنبات علامة على البلوغ، على أقوال ثلاثة:
الأول: أن الإنبات ليس بعلامة على البلوغ مطلقا. أي لا في حق الله، ولا في حق العباد. وهو قول أبي حنيفة، ورواية عن مالك على ما في باب القذف من المدونة، ونحوه لابن القاسم في باب القطع في السرقة. قال الدسوقي: وظاهره لا فرق بين حق الله وحق الآدميين.
الثاني: أن الإنبات علامة البلوغ مطلقا. وهو مذهب المالكية، والحنابلة، ورواية عن أبي يوسف ذكرها ابن عابدين، وصاحب الجوهرة. إلا أن ابن حجر نقل أن مالكا لا يقيم الحد على من لم يثبت بلوغه بغير الإنبات؛ لأن الشبهة فيه تمنع من إقامة الحد، واحتج أصحاب هذا القول بحديث نبوي، وآثار عن الصحابة.
فأما الحديث: فما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حكم سعد بن معاذ في بني قريظة، فحكم بقتل مقاتلتهم وسبي ذراريهم، وأمر أن يكشف عن مؤتزرهم، فمن أنبت فهو من المقاتلة، ومن لم ينبت فهو من الذرية. بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة . ومن هنا قال عطية بن كعب القرظي: كنت معهم يوم قريظة. فأمر أن ينظر إلي هل أنبت، فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنبت، فجعلوني في السبي.
وأما ما ورد عن الصحابة، فمنه أن عمر -رضي الله عنه- كتب إلى عامله أن لا يقتل إلا من جرت عليه المواسي، ولا يأخذ الجزية إلا ممن جرت عليه المواسي، وأن غلاما من الأنصار شبب بامرأة في شعره، فرفع إلى عمر فلم يجده أنبت فقال: لو أنبت الشعر لحددتك.
القول الثالث: أن الإنبات بلوغ في بعض الصور دون بعض. وهو قول الشافعية، وبعض المالكية. فيرى الشافعية أن الإنبات يقتضي الحكم ببلوغ ولد الكافر، ومن جهل إسلامه، دون المسلم والمسلمة. وهو عندهم أمارة على البلوغ بالسن أو بالإنزال، وليس بلوغا حقيقة. قالوا: ولهذا لو لم يحتلم، وشهد عدلان بأن عمره دون خمسة عشرة سنة، لم يحكم ببلوغه بالإنبات. وإنما فرقوا بينه وبين المسلم في ذلك لسهولة مراجعة آباء المسلم وأقاربه من المسلمين؛ ولأن الصبي المسلم متهم في الإنبات، فربما تعجله بدواء دفعا للحجر عن نفسه وتشوفا للولايات، بخلاف الكافر فإنه لا يستعجله. ويرى بعض المالكية أن الإنبات يقبل علامة في أعم مما ذهب إليه الشافعية، فقد قال ابن رشد: إن الإنبات علامة فيما بين الشخص وبين غيره من الآدميين من قذف، وقطع، وقتل. وأما فيما بين الشخص وبين الله تعالى فلا خلاف - يعني عند المالكية - أنه ليس بعلامة. وبنى بعض المالكية على هذا القول أنه ليس على من أنبت، ولم يحتلم إثم في ترك الواجبات، وارتكاب المحرمات، ولا يلزمه في الباطن عتق، ولا حد، وإن كان الحاكم يلزمه ذلك؛ لأنه ينظر فيه ويحكم بما ظهر له، والحجة للطرفين الحديث المتقدم ذكره الوارد في شأن بني قريظة. أما الشافعية فقد قصروا حكمه على مخرجه، فإن بني قريظة كانوا كفارا، وابن رشد ومن معه من المالكية جعلوه فيما هو أعم من ذلك، أي في الأحكام الظاهرة، بنوع من القياس. اهـ.
والمعتبر عند القائلين بأن الإنبات علامة للبلوغ هو أن يكون الشعر النابت خشنا، وأما غير الخشن فلا يعتبر.
قال ابن قدامة في المغني: وأما الإنبات فهو أن ينبت الشعر الخشن حول ذكر الرجل، أو فرج المرأة الذي استحق أخذه بالموسى، وأما الزغب الضعيف فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير .اهـ.
ولمعرفة صفة شعر العانة الذي يثبت به البلوغ انظر الفتوى رقم: 78480.
وراجع للفائدة الفتوى رقم: 10024.
والله أعلم.