السؤال
ما حكم تركيب فص كرستال في إحدى الأسنان الأمامية، علما بأن الطبيبة قامت بحفر السن وتركيبها؟ كما أريد معرفة حكم صحة الوضوء والاغتسال مع وجود هذا الفص في السن، وهو منذ سنتين وإخراجه يسبب تشوها في السن بسب الحفر، أفيدوني مأجورين.
ما حكم تركيب فص كرستال في إحدى الأسنان الأمامية، علما بأن الطبيبة قامت بحفر السن وتركيبها؟ كما أريد معرفة حكم صحة الوضوء والاغتسال مع وجود هذا الفص في السن، وهو منذ سنتين وإخراجه يسبب تشوها في السن بسب الحفر، أفيدوني مأجورين.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الفص قد وضع حين وضع ـ ابتداءً ـ لسد حاجة كضعف سن، أو لإزالة عيب مُشين، فلا حرج ـ إن شاء الله ـ لا في وضعه ولا في إبقائه، والأصل في ذلك ما رواه الترمذي في باب: شد الأسنان بالذهب ـ عن عرفجة بن أسعد قال: أصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذت أنفاً من ورق فأنتن علي، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفاً من ذهب. قال الترمذي: حديث حسن غريب.
وقد روي عن طائفة من السلف من الصحابة والتابعين أنهم شدوا أسنانهم، أو أبدلوا الساقط منها للضرورة، كما في مصنف ابن أبي شيبة، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط، والأثرم، كما في المغني لابن قدامة وغيرهم، وحديث عرفجة يشهد لفعلهم، قال ابن قدامة: وقال الإمام أحمد: ربط الأسنان بالذهب إذا خشي عليها أن تسقط قد فعله الناس, فلا بأس به عند الضرورة.
وهذا في الذهب، لأنه أنفع في مثل هذا، إذ لا ينتن مع مرور الزمن، كما يفهم من حديث عرفجة، فغير الذهب في هذا مثله فيما يظهر ـ والله تعالى أعلم ـ أما إن كان وضعُها قصداً للحسن والتجمل، بأن حُفرت السن لتثبيت الكرستالة تجميلاً كما يفعله كثير من النساء، فهذا تركيبه غير جائز، وفيه تغيير عمدٌ لخلق الله فضلاً عما قد يكون فيه من السرف المذموم، وتنبغي مع التوبة والاستغفار إزالتُه فوراً ما لم يكن في إزالته ضرر أو تشويه ظاهر، فإن كان في إزالته ضرر أو تشويه ظاهر أو اختلال في السن يضعف منفعته ويفضي إلى الحاجة إلى تركيب ما يسد الخلل، فعليك بالتوبة وكثرة الاستغفار مما فعلتِ بنفسكِ، ولا بأس ـ والله أعلم ـ في تركه، كما لو وضع ابتداءً لإزالة عيب أو سد حاجة، ولا يحل لك العود لفعل ذلك بعدُ إلا لما استثنينا، وراجعي للفائدة الفتويين رقم: 11026، ورقم: 110862.
أما الوضوء والاغتسال: فلا يؤثر فيهما وجود هذا الفص عند جمهور أهل العلم، كالمالكية والشافعية القائلين بأن المضمضة والاستنشاق كِلَيهما سنة لا واجب، وذلك لكون داخل الفم والأنف من باطن الجسد في طهارة الحدث لا من ظاهره، والواجب عندهم غسل الظاهر، وكذلك عند من يجعلهما واجبين في الغسل والوضوء ويجعل لهما حكم الظاهر، كما هو مشهور مذهب الحنابلة، لأن تعميم الفم والأنف بالماء عندهم ليس واجباً، بل هو مستحب، والواجب أدنى إدارة للماء، قال ابن قدامة: ولا يجب إدارة الماء في جميع الفم, ولا إيصال الماء إلى جميع باطن الأنف, وإنما ذلك مبالغة مستحبة في حق غير الصائم, وقد ذكرناه في سنن الطهارة. اهـ
وأما الحنفية القائلون بوجوب تعميم الفم في الغسل دون الوضوء، فيستثنون ما كان فيه حرج، قال صاحب الدر المختار الحنفي: ويجب ـ أي يفرض ـ غسل كل ما يمكن من البدن بلا حرج.
وعلى هذا، فلا حرج إن كان ترك هذا الفص مباحاً لكِ على ما فصلنا لكِ في الفتوى، أما إن كان يحرم تركه ـ على ما فصلنا ـ فلا يصح غُسلك على هذا المذهب، لأنه لا مشقة في ما حرم تركه ووجب نزعه، كما أن الرخص لا تناط بالمعاصي، وعلى كل فالذي نفتي به هو عدم وجوب المضمضة والاستنشاق، وإنما ذكرنا هذا التفصيل من باب الفائدة.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني