الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيقول د.عمر الأشقر في كتابه: الرسل والرسالات: أفراد الأدلة الدالة على صدق كل رسول كثيرة متنوعة، وقد عدّ الذين ألّفوا في دلائل نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أدلة صدقه، فنافت على الألف عند بعضهم، ويمكننا أن نقسم هذه الأدلة إلى أقسام، يضمُّ كل قسم منها مجموعة متشابهة، وقد أرجعنا أفراد الأدلة إلى خمسة أمور:
الأول: الآيات والمعجزات التي يجريها الله تصديقاً لرسله.
الثاني: بشارة الأنبياء السابقين بالأنبياء اللاحقين.
الثالث: النظر في أحوال الأنبياء.
الرابع: النظر في دعوة الرسل.
الخامس: نصر الله وتأييده لهم.
ثم تناول كلَّ واحد من هذه الخمسة بشيء من الإيضاح والتفصيل، والكتاب متوفر بالمكتبات وعلى الشبكة العنكبوتية، والمكتبة الشاملة، فيمكنك مطالعة التفاصيل.
وكل واحد من أجناس الأدلة السابقة كاف لإثبات صدق النبي صلى الله عليه وسلم، فمثلاً "النظر في أحوال الأنبياء" كاف؛ إذ الصفات الشخصية لصاحب الرسالة من كونه الصادق الأمين بشهادة الكفار شاهدة بصدقه؛ ولذا لما سأل هرقل أبا سفيان (وهو مشرك) عن صفات النبي قبل البعثة، علم أنه رسول الله؛ وراجع الفتويين: 61366، 61873.
وقد بينا بالفتاوى أرقام: 60918، 106662، 136524 بعض معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، فراجعها وتوابعها.
وأما سبب كفرهم فقد بيناه في الجملة بالفتوى رقم: 218368 فراجعه.
ومن جملة هذه الأسباب ما ذكره الله تعالى في قوله: وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) النحل .
وقوله تعالى: وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) الجاثية.
وقوله تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا (56) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا (57) الكهف.
فتفضيل الدنيا على الآخرة، والبغي، والإعراض من أعظم هذه الأسباب، نعوذ بالله من ذلك.
والله أعلم.