الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ظلم في الطلاق على الذرية

السؤال

أختي متزوجة منذ ثمانية أعوام، ورزقها الله بثلاثة أولاد، وزوجها حسبناه على دين، ولكنه بعد فترة قصيرة من الزواج ترك الصلاة ولم يعد يلتزم بصلاة الجمعة للأسف، وذلك مع حرصه الشديد على المال وانعدام الود بينه وبين زوجته، ومنذ ثلاث سنوات حدثت معاتبة شديدة اللهجة من أبي له بسبب مصارحة أختي لأبي بأنها تريد الانفصال عنه، فرد زوجها في انفعال: بنتك طالق يا عم، وبعد محاولات للصلح ووعود منه بالإصلاح وحسن العشرة عادا لبعض، ولم يتغير الحال إلا أياما قليلة، وهي الآن تكرهه تماما وتريد الانفصال بطلاق أو خلع والمشكلة أننا لا نثق به ولا نضمن بره بأولاده ـ لا ماديا ولا معنويا ـ فهل في هذه الحالة الطلاق ظلم للأولاد؟ وهل التحمل من أجل الأطفال لا حدود له؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل المولى العلي القدير أن يلهم هذا الرجل رشده وأن يتوب عليه ويرده إلى جادة الصواب، ويصلح ما بينه وبين زوجته ويديم العشرة بينهما إنه سبحانه مجيب، ونرجو أن لا تيأسوا من صلاح هذا الرجل، ومن أعظم ما يعين عليه الدعاء، فإن الله تعالى يحب أن يدعى، ويحب أن يجيب دعاء من دعاه، ولذلك أمر به، كما قال سبحانه: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.

وينبغي أن يبذل له النصح ويخوف بالله تعالى، ولا سيما فيما يتعلق بترك الصلاة، ويمكن الاستعانة بالنصوص التي تضمنتها الفتوى رقم: 5259.

فإن تاب ورجع إلى الله تعالى وحافظ على الصلاة فبها ونعمت، وإن أصر على تركها فلا خير لها في البقاء في عصمته فلتفارقه بالطلاق أو الخلع، واستمرار الزواج ليس فيه ظلم للزوجة، ولكن لا ينبغي للمرأة أن تعذب نفسها بالبقاء في عصمة مثله، والطلاق ليس مفسدة دائما، بل قد يكون الأفضل أحيانا، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وانظر الفتوى رقم: 48538.

والطلاق وإن كان له أثر سيئ على الأولاد أحيانا إلا أنه ليس في إيقاعه ظلم للأولاد، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ولو قدر وقوع الطلاق فحضانة الأولاد حق للأم ما لم تتزوج فتنتقل الحضانة إلى من هي أولى بها بعدها من الإناث حسب الترتيب الذي ذكره الفقهاء، وهو مبين في الفتوى رقم: 6256.

ونفقة الأولاد الصغار الذين لا مال لهم واجبة على أبيهم، للذكور حتى البلوغ، وللإناث حتى الزواج والدخول بهن، وإذا امتنع عن الإنفاق عليهم ألزمه القاضي الشرعي، وراجعي الفتويين رقم: 193707، ورقم: 25339.

وعلى من له الحضانة أن يحرص على كل ما فيه مصلحة المحضون، ومن ذلك تعليمه أمر دينه وتربيته وتوجيهه إلى الخير والفضيلة، وصيانته عن الشر والرذيلة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني