السؤال
أنا شاب أعيش في أمريكا، وأعمل لدى عمي في متجر لبيع الخضروات والمواد الغذائية, ويوجد قسم أو مساحة من هذا المحل تم تأجيرها لجزار من دولة المكسيك، وهذا الشخص يبيع اللحوم بما فيها لحم الخنزير ومشتقاته، والعلاقة التي تربط عمي بهذا الرجل هي فقط علاقة الإيجار، فنحن لا نحصل أو نبيع أي شيء من قسم اللحوم، بمعنى أنه مستقل يبيع ويحصل على ثمن كل ما يبيعه، وفي نهاية كل شهر يسدد الإيجار الذي عليه بحسب الاتفاق، وسؤالي هو: هل يجوز لي العمل في متجر كهذا، حيث إننا نجتهد في التحري عن الرزق الحلال؟ وهل عمي على الحق عندما يقوم بتأجير مساحة من المحل لهذا الجزار؟ أفيدوني جزاكم الله خير الدنيا ونعيم الآخرة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تأجير مكان لبيع المحرمات كالخنزير، سواء أكان المستأجر مسلما أو غير مسلم، لما في ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 110525، 20380، 5559، 111080.
وأما بالنسبة لعمك: فإنه إن كان يعلم أن هذا المستأجر سيبيع في محله الخنزير، فقد أخطأ وتجب عليه التوبة، ولا يحل له الانتفاع بالأجرة، وأما إن كان يجهل ذلك فتبقى الإجارة على أصل الجواز، وينبغي عليه أن يسعى في فسخ العقد، فإن عجز عن ذلك فالواجب عليه هو الاحتساب على المستأجر، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر بحسب قدرته، وأن لا يجدد له العقد إذا انتهت مدته، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 39135، ورقم: 157601.
وأما عملك في هذا المتجر: فما دام في تجارة مباحة ومستقلة عن بيع المحرمات، فلا حرج عليك في ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ وما تتقاضى من أجر عليه حلال، ويبقى أن ننبه على دورك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لهذا الجزار الذي يبيع الخنزير، وكذلك لعمك إن كان يرضى بذلك ولا يسعى لفسخ هذه الإجارة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان. رواه مسلم.
وراجع بشأن الإقامة في ديار الكفر الفتوى رقم: 144781.
والله أعلم.