السؤال
نحن سبع بنات، وابنان، وقام أبي- رحمه الله- حال حياته بتوزيع ممتلكاته من الأرض الزراعية، وما تملكه أمي أيضا، علينا، بطريقة البيع والشراء منه، لكل واحد منا. وأعطى كل واحدة من البنات اثني عشر قيراطا، وأعطاني أنا قيراطا زائدا، وأعطى واحدة أخرى من أخواتي أربعة قراريط زيادة، وأعطى الابنين باقي التركة، وهي كثير وبقيمة أعلى مما أخذنا عشرات المرات.
فما حكم ما أخذناه أنا وأختي زيادة عن باقي أخواتي. وما حكم ما فعله أبي؟ وهل يمكن تصحيح ما فعله أبي من جانب إخوتي؛ لأننا ظلمنا في هذه القسمة؟ وهل على إخوتي وزر إذا استمر الوضع على هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما توزيعه لما تملكه أمك إن كان بغير رضاها، أو كانت أمك غير رشيدة، فإنه لا يصح؛ لأنه تصرف فيما لا يملك, ويجب رد كل ما أخذتموه من أملاكها إليها.
وأما توزيعه لما يملكه هو على صورة بيع، فإن كان بيعا حقيقيا وليس بيع محاباة، فهو صحيح جائز، ولا يشترط في البيع الحقيقي عدل بين الأولاد؛ كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 108681.
وأما إن كان بيعا صوريا لا حقيقيا، أو كان بيعا بمحاباة -كما هو ظاهر السؤال- فإن هذا البيع في حقيقته عطية, وكان الواجب عليه أن يعدل في عطيته؛ لأن العدل في العطية للأولاد ذكورا وإناثا واجب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم. متفق عليه. ويتحقق العدل بأن يعطي للأنثى مثل ما يعطيه للذكر، أو يعطيها نصف ما يعطيه للذكر. قولان لأهل العلم، والأول هو المفتى به عندنا.
وأما أن يعطي الذكر أضعاف ما يعطيه للأنثى بعشرات المرات، أو يعطي بعض البنات أكثر مما يعطي للأخريات، فإن كان هذا لغير مسوغ، فإنه جور. وإذا مات الأب قبل أن يرجع في هذا الجور ويحقق العدل، فإن الهبة ماضية، وتثبت في قول جمهور أهل العلم, ويمكن تصحيح هذا الخطأ بأن يرجع الأبناء عن الظلم الذي فعله أبوهم ويعطوا البنات ما يتحقق به العدل, وذهب بعض الفقهاء إلى أن الهبة الجائرة ترد حتى بعد ممات الأب، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, وهذا كله إذا فعل الأب ذلك في حال صحته، أو في مرض غير مخوف. وأما إذا فعله في مرضه المخوف، فإن الهبة في هذه الحال غير ماضية، وتأخذ حكم الوصية، فإذا لم يرض البنات بها كان لهن الحق في مطالبة الأبناء برد ما أخذوه وقسمته القسمة الشرعية. وقد بينا كل هذا مع كلام أهل العلم في الفتوى رقم: 159265, والفتوى رقم: 113934، والفتوى رقم: 211114، والفتوى رقم: 227242, والفتوى رقم: 161261.
والله تعالى أعلم.