السؤال
أحسن الله إليكم.
أنا طالب في الكهرباء في فرنسا، ولله الحمد أنعم الله علي بعلم في هذا المجال، وكثيرا ما أجيب عن الأسئلة في القسم مما يؤدي إلى التميز عن الآخرين وغالبيتهم كفار 2/11، وكثيرا ما يمدحونني بقولهم: دكتور وعبارات أخرى القصد منها المدح، وكما لا يخفى عليكم أن النفس تحب المدح.
فماذا أفعل حيال ذلك؟ وهل علي إثم؟ وكيف أشكر الله على هذه النعمة؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النفوس مجبولة على الرغبة في ثناء الناس ومدحهم، وهذا لا يذم بإطلاق، ولا يمدح بإطلاق، وعلى من مدحه الناس بشيء مما وهبه الله ألا يجره ذلك إلى احتقار الناس، أو يرى أن له فضلا عليهم، أو أن هذه الموهبة من عند نفسه وليست منحة من الله تبارك وتعالى، فإن فعل ذلك فقد لبس رداء الكبر والعجب.
قال الغزاليّ - رحمه الله- في إحياء علوم الدين: الكبر حالة يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسه أكبر من غيره. انتهى.
وقال في العجب: هو استعظام النّعمة والرّكون إليها مع نسيان إضافتها إلى المنعم عزّ وجلّ. انتهى من الإحياء.
فمن شكر الله على نعمه، وتواضع لخلقه، فلا يضره فرحه بثناء الناس على ما وهبه الله تعالى من نعمة.
وشكر الله على نعمه والثناء عليه بما هو أهله، مطلب شرعي محمود، فقد جاء في الصحيحين عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل، من أجل ذلك مدح نفسه، ولا أحد أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك بعث النبيين مبشرين ومنذرين.
وشكر الله تعالى يكون باللسان ثناء، وذكراً ودعاء... وبالقلب محبة ورضى... وبالجوارح عملاً.. ومعناه باختصار أن يصرف العبد كل نعمة عنده في طاعة الله تعالى وابتغاء مرضاته، ولا يصرف شيئاً من ذلك لغير الله تعالى كما قال بعضهم:
والشكر صرف العبد ما أولاه * مولاه من نعماه في رضاه.
قال القرطبي رحمه الله: وسئل بعض الصلحاء عن الشكر لله؟ فقال: ألا تتقوى بنعمه على معاصيه. فحقيقة الشُّكْرِ عَلَى هَذَا الِاعْتِرَافِ بِالنِّعْمَةِ لِلْمُنْعِمِ. وَأَلَّا يَصْرِفَهَا فِي غَيْرِ طَاعَتِهِ، وَأَنْشَدَ الْهَادِي وَهُوَ يَأْكُلُ:
أَنَالَكَ رِزْقَهُ لِتَقُومَ فِيهِ ... بِطَاعَتِهِ وَتَشْكُرَ بَعْضَ حَقِّهِ
فَلَمْ تَشْكُرْ لِنِعْمَتِهِ وَلَكِنْ ... قَوِيتَ عَلَى مَعَاصِيهِ بِرِزْقِهِ. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 162227، 73736.
والله أعلم.