السؤال
قال تعالى: واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا * ورفعناه مكانا عليا. الآية 56 من سورة مريم. ما تفسير "ورفعناه مكانا عليا" مع تعدد الروايات الإسرائيلية في ذلك، ومنها أنه رفع إلى السماء على ظهر ملك كانت بينهما خلة ليستأذن من ربه تعالى أن يمد في عمره، لأن الله وعده أن له أجر العاملين بالخير في حياته. فأراد عليه السلام أن يستزيد من الخير؟
وجزاكم الله عنا خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لقي إدريس -عليه السلام- ليلة المعراج في السماء الرابعة، قال: فرحبَّ ودعا لي بخير، ثم قال الله -عزَّ وجلَّ-: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، ثم عرج بنا -أي جبريل- إلى السماء الخامسة. الحديث.
فالمكان العلي هو السماء الرابعة، وهل رُفع إدريس -عليه السلام- إلى السماء حيًّا أم لا؟
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في النسخ: وكون إدريس رُفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية، وقد روى الطبراني أن كعبًا قال: لابن عباس في قوله تعالى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، أن إدريس سأل صديقًا له من الملائكة فحمله بين جناحية ثم صعد به، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت فقال له: أريد أن تُعلمني كم بقي من أجل إدريس؟ قال: وأين إدريس؟ قال: هو معي، فقال: إن هذا لشيء عجيب، أمرت بأن أقبض روحه في السماء الرابعة، فقلت: كيف ذلك وهو في الأرض؟ فقبض روحه، فذلك قوله تعالى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً، وهذا من الإسرائيليات، والله أعلم بصحة ذلك. انتهى كلام ابن حجر.
وذكر ابن كثير الأثر السابق، وقال إنه: أثر غريب عجيب. اهـ. وقال أيضًا: هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة. اهـ. وذكر له لفظًا آخر على نحو ما ورد في السؤال.
والواجب أن يعتقد أن الله تعالى رفع إدريس -عليه السلام- مكانًا عليًّا، وأنه في السماء الرابعة، وما زاد على ذلك من كونه رفع حيًّا ثم قبض أو لم يمت فالله أعلم به.
والله أعلم.