الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبة كل تائب مقبولة

السؤال

هل هناك حد للتوبة؟ وهل يتوب الله تعالى على الإنسان عدداً محدداً من المرات في ذنب معين؟ أم أن باب التوبة مفتوح دائماً: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ وَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، وَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ فَشَرِبَ فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا، فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَادَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ رَدَغَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا رَدَغَةُ الْخَبَالِ؟ قَالَ: عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ ـ من هذا الحديث الشريف نجد أن التوبة محددة بعدد من المرات وهي 4 مرات بالنسبة لشرب الخمر، ومعنى هذا أن الله تعالى يمل من الإنسان الذي يدمن الذنوب ولا يتوب عليه.
أفيدونا جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالعبد مهما تكرر منه الذنب ثلاث مرات أو أربع أو أكثر من ذلك، فإنه متى تاب توبة صادقة نصوحا قبل الله توبته وأقال عثرته، ولا يزال الله يغفر للعبد ما لم يغرغر ما لم تطلع الشمس من مغربها، ودلائل هذا كتابا وسنة أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر، وأما هذا الحديث: فليس معناه أن الله لا يقبل توبة من تاب في المرة الرابعة، ولكن معناه أنه لا يوفقه لتوبة يستدرك بها ما فرط منه، وهذا في الغالب، قال السندي: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا أَيْضًا، وَهُوَ مُشْكِلٌ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُوَفَّقُ لِلتَّوْبَةِ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ كَمَا فِي الْمَرَّاتِ الْأُوَلِ. انتهى.

ولكن إذا تداركه الله برحمته ومن عليه بالتوبة فلا يفيد الحديث أن توبته لا تقبل كما مر، بل إن توبة كل تائب مقبولة؛ كما قال الله: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ {الشورى:25}.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. رواه ابن ماجه.

وإذا كان من تكررت ردته تقبل توبته باطنا بالإجماع وظاهرا في قول كثير من العلماء، فأولى من تكرر منه ما دون ذلك من الذنوب، ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم: 174601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني