السؤال
إن سورة الإخلاص لأحب السور إلي، ولكن يوجد أمر فهمته في تفسيرها فأريد فضيلتكم شرحه لي وجزاكم الله خيراً، قال الله عز وجل في بداية السورة: قل هو الله أحد ـ وفي آخر السورة: ولم يكن له كفواً أحد ـ فهمت أن: أحد ـ في الآية الأولي صفة لله حقيقة وفي آخر الآية: ولم يكن له كفواً أحد ـ فأحد هنا اسم، والأسماء قد يتسمى بها الخلق ولا تصدق عليهم ككريم وسعيد، فهل ما فهمته صحيح؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل منك وينفعك بحب هذه السورة، وأن يصدق فيك ما في صحيح البخاري عن أنس بن مالك: من أنه كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة، مما يقرأ به افتتح بـقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حتى يفرغ منها، ثم سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعةٍ فكلَّمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تُجزئك حتى تقرأ بأُخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأُخرى، فقال: ما أنا بتاركها! إن أحببتُم أن أؤمَّكم بذلك فعلتُ، وإن كرهتم تركتُكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمَّهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأُمرك به أصحابك وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعةٍ؟ فقال: إني أُحبها، فقال: حُبُّك إيَّاها أدخلك الجنة.
وأما عن معنى كلمتي: أحد ـ فمعنى قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد {الإخلاص: 1} كما قال ابن كثير: يعني الواحد الذي لا نظير له ولا وزير ولا نديد ولا شبيه ولا عديل. اهـ.
ومعنى: لم يكن له كفوا أحد ـ أي لم يكن أحد من خلقه مماثلا ولا مشابها له، لا في أسمائه ولا في صفاته، ولا في أفعاله تبارك وتعالى وتقدس كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ {الشورى:11}.
وقال تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا { مريم: 65}.
وفي الحديث عن أبي بن كعب: أن المشركين قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: انسب لنا ربك، فأنزل الله: قل هو الله أحد الله الصمد ـ فالصمد الذي لم يلد ولم يولد، لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، ولا شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث: ولم يكن له كفوا أحد ـ قال: لم يكن له شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وأما تسمية الناس بأحد: فهو خطأ، لأن كلمة أحد لا تطلق في الإثبات إلا على الله تعالى، كما قال ابن كثير في تفسير سورة الإخلاص: ولا يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل، لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله، وأما في النفي فيصح أن يقال: ما جاءني أحد.
ثم إنه تجوز تسمية الأشخاص بالأسماء المشتركة بين الخلق وبين الله، ويدل لذلك إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أسماء الصحابة التي وقع فيها الاشتراك مثل: علي وحكيم، ويدخل في هذا ما لو سمينا شخصا باسم كريم أو اسم باسط أو اسم علي، وقد قدمنا ذلك في الفتويين رقم: 10300، ورقم: 8726.
والله أعلم.