السؤال
هل محاربة القنوات العلمانية التي تحارب الإسلام من الجهاد؟ فهناك شخص ينصح الناس بعدم متابعة القنوات التي تحارب الإسلام، وهناك من وقف ضده من أهلي، وهو ينصحهم، وبعضهم يستهزئ به، فهل هذا العمل الذي يقوم به الشاب من الجهاد، فأهلي يعلمون أن القنوات تحارب الإسلام، ولكنهم يرفضون أن يسمعوا كلامه فأفتوني – جزاكم الله خيرًا -.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، داخل في جملة الجهاد، فإن الجهاد لا يقتصر على محاربة الكفار في ميدان المعركة، وإنما يشمل كذلك القيام بأمر الله تعالى أمرًا ونهيًا، تبليغًا ودعوة، وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل أنواع الجهاد، وكان فيها إمامًا للمتقين، قال ابن القيم في زاد المعاد: فجاهد في الله حق جهاده بالقلب والجنان، والدعوة والبيان، والسيف والسنان، وكانت ساعاته موقوفة على الجهاد بقلبه، ولسانه، ويده، ولهذا كان أرفع العالمين ذكرًا، وأعظمهم عند الله قدرًا، وأمره الله تعالى بالجهاد من حين بعثه، وقال: {ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا * فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا} [الفرقان: 51، 52] فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان، وتبليغ القرآن، وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة، وإلا فهم تحت قهر أهل الإسلام، قال تعالى: {يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير} [التوبة: 73] فجهاد المنافقين أصعب من جهاد الكفار، وهو جهاد خواص الأمة، وورثة الرسل، والقائمون به أفراد في العالم، والمشاركون فيه، والمعاونون عليه، وإن كانوا هم الأقلين عددًا، فهم الأعظمون عند الله قدرًا.
ولما كان من أفضل الجهاد: قول الحق، مع شدة المعارض، مثل أن تتكلم به عند من تخاف سطوته وأذاه، كان للرسل صلوات الله عليهم وسلامه من ذلك الحظ الأوفر، وكان لنبينا صلوات الله وسلامه عليه من ذلك أكمل الجهاد وأتمه. اهـ.
وقد سبق بيان أنواع الجهاد، وحقيقة كل نوع، وبيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نوع من أنواع الجهاد، فراجع الفتويين: 54245، 12916، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتويين: 112634، 180377.
والله أعلم.