الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الرجوع إلى الخطأ بعد التوبة منه يعد استهزاء

السؤال

متى يكون الاستغفار من الذنب استهزاء بالدين؟ حيث إنني مؤخرًا أتيت من العمل لأخذ وجبة الغذاء، لكني تأخرت ولم أعد للعمل إلا بعد ساعتين، فقلت في نفسي: "لن أعيدها غدًا " وجاءني خاطر أنه يمكنني أن أعوض تلك الساعة التي لم أعملها في نفس اليوم بعد انتهاء وقت العمل الرسمي، لكني لم أفعل، فهل يعتبر هذا استهزاء؟ حيث إنني تبت من الذنب - التأخر عن العمل – وقلت: لن أعيدها غدًا، في الوقت الذي كنت لا زلت مضيعًا للعمل فيه، ولم أعوض ذلك رغم أنه يمكنني ذلك، فما حكم من يستغفر الله تعالى من ذنب وهو - أي: الشخص - لا زال مقيمًا على الذنب؟ فهذا يحصل لي كثيرًا: أريد أن أستغفر من ذنب، لكني أخشى أن أكون لا زلت مقيمًا عليه، فأكون باستغفاري مستهزئًا - والعياذ بالله - وفي العمل، أو الوظيفة لا أنضبط تمامًا - كما هو حال كثير من الموظفين - بوقت الدخول والخروج، أو إتقان العمل جيدًا، وعندما يكون تفتيش من الرئيس في العمل فإننا نأتي في الوقت، ونخرج في الوقت، ولا نتغيب، وعندما أقوم بعملي أقوم به جيدًا - والحمد لله - وإن كان هناك تقصير، لكنه ليس كما لو كان هناك تفتيش، وبالنسبة للوقت: فأحاول الانضباط، ولو لم يكن هناك تفتيش، لكني لا أنضبط كثيرًا، وعند التفتيش هروبًا من المشاكل، لا خوفًا من الرئيس، أدخل في الوقت المحدد، وأخرج في الوقت المحدد – قلت: هروبًا من المشاكل، لا خوفًا - فهل هذا شرك أصغر، أم أكبر، أم ماذا - جزاكم الله خيرًا -؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يغفر لك ذنبك، وأن يلهمك رشدك، وأن يقيك شر نفسك.

وأما ما سألت عنه: فينبغي أن يراعى في جوابه ما ذكرته عن نفسك سابقًا من كونك مصابًا بالوسواس القهري؛ ولذلك فإن ننصحك بأن تلزم الاستغفار، مع صدق النية في الاستقامة، وطلب المعونة من الله تعالى على ذلك، فليس في حالك ـ بحمد الله ـ ما يدل على الاستهزاء بالله تعالى، ولا الأمن من مكره، وإنما هو ضعف النفس، والوقوع في الذنب بسبب غلبة الهوى، وحب الراحة، شأنك في ذلك شأن كل من يقع في مخالفة شرعية من المسلمين، تغلبه نفسه الأمارة بالسوء فيقصر، ولكنه يجاهدها، ولا يصر على المعصية، بل يكرهها، ويود المعافاة منها، فيستغفر الله تعالى، وراجع في ذلك الفتويين: 179077، 137633.

وكذلك ليس هناك شرك أكبر ولا أصغر في ما ذكرت من الالتزام بمواعيد العمل؛ هروبًا من المشاكل، وإن كان ينبغي أن يحصل ذلك بنية صالحة تنفعك في آخرتك، وهي مراقبة الله تعالى، وأداء الأمانة، وبذل الواجب المستحق عليك في عملك، وراجع للفائدة الفتويين: 2649، 166247.

وعلى أية حال: فالذي ينبغي أن تهتم به هو إلزام نفسك بما فيه صلاح حالك في أمر دينك، ودنياك، ومن ذلك الالتزام بمواعيد عملك، وإتقانه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني