السؤال
عندي بنتان صغيرتان، وأغضبتني زوجتي غضبًا شديدًا، فحلفت قائلًا: "والله العظيم لن آتي بولد منك" وأقصد بقاء اللولب المانع من الحمل، وأنا أعلم أن الله إذا أراد حملًا فسيحصل مع وجود اللولب، والشاهد أنني حلفت على أنني لن آتي منها بولد لمدة خمسة أعوام، وكان القصد من يميني ليس الغضب، ولا الانتقام، ولكن حتى لا أنشغل كثيرًا بالتربية، خاصة أنها أغضبتني كثيرًا، وكان القصد من اليمين ألا أنشغل بالأولاد عن طلب العلم، وعن طاعة الله عز وجل، فحلفت قائلًا: "ويكون عليّ مليون يمين إن رجعت في يميني وحنثت فيه" فما حكم هذا اليمين؟ ولو حنثت فهل يلزمني مليون يمين؟ أرجو بيان جميع الآراء في هذا اليمين، وهل عليّ إثم إن لم أحنث في يميني؟ أقصد هل للزوجة حق في يميني هذا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا حنثت في يمينك لزمتك كفارة يمين، وهل تلزمك كفارة أخرى لقولك: يكون علي مليون يمين إن رجعت في يميني؟ اختلف أهل العلم في انعقاد اليمين بهذه الصيغة، قال ابن قدامة - رحمه الله -: ولو قال: عليّ يمين، ونوى الخبر، فهي كالتي قبلها، وإن نوى القسم، فقال أبو الخطاب: هي يمين، وهو قول أصحاب الرأي، وقال الشافعي: ليس بيمين؛ لأنه لم يأت باسم الله تعالى المعظم، ولا صفته، فلم يكن يمينًا، كما لو قال: حلفت، وهذا أصح ـ إن شاء الله ـ فإن هذه ليست صيغة اليمين والقسم.
فعلى القول بانعقاد اليمين بتلك الصيغة تلزمك كفارة أخرى، قال عليش - رحمه الله -: .. أَوْ حَلَفَ لَا فَعَلْت، أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْنَثَ، وَحَنِثَ، فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ: كَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الْأُولَى، وَكَفَّارَةٌ لِلْيَمِينِ الثَّانِيَةِ.
ويرى المالكية أن الحانث تلزمه كفارات بعدد أيمانه، قال ابن العربي في أحكام القرآن: ولو قال: عليّ يمين، وحنث، لزمته كفارة، ولو قال: عليّ يمينان لزمته كفارتان إذا حنث.
وأما الحنابلة: فيرون وجوب كفارة واحدة مهما تكرر اليمين، ولعل قولهم هو الراجح ـ إن شاء الله ـ قال الرحيباني - رحمه الله -: ومن حنث، ولو في ألف يمين بالله تعالى، ولم يكفر: فكفارة واحدة.
واعلم أنّ الإنجاب حق مشترك للزوجين، لا يجوز لأحدهما أن يمنع الآخر منه، كما بيناه في الفتوى رقم: 31369.
وعليه، فإن كانت زوجتك تريد الإنجاب: فعليك أن تحنث في يمينك، وتكفر كفارة يمين؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِهَا، وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ.
ولا يلزمك غيرها على الأصح، كما ذكر ابن قدامة.
والله أعلم.