السؤال
أنا مسؤولة عن جمعية مالية لعدد من المشتركين، وأحدهم دفع لي مبلغًا عن أول شهر، ثم توقف عن الدفع، ولم أعد المبلغ إليه، والآن - بعد ثلاث سنوات - حاولت إعادة المبلغ، لكنه رفض قبوله، وقال: لقد أخرجته من ذمتي إلى ذمتك، وقد وسطت أهل الخير، ولكنه مصر على الرفض، وأنا لا أريد أن آخذ شيئًا من غير وجه حق، فهل يحق لي التصدق به؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صاحب الحق رفض قبول حقه؛ ليكون في ذمتك، وتحاسبين عليه في الآخرة: فهذا لا أصل له شرعًا، وعليك إيصال المبلغ إلى صاحبه بأية طريقة يملكه بها، ولو دون علمه - ما دام لم يبرئك منه بطيب نفس منه -، ولا يحق لك التصدق بالمبلغ إذا أمكن إيصاله إلى صاحبه، فالصدقة بالحقوق عن أصحابها إنما يكون حين العجز عن إيصالها إليهم، كما بيناه في الفتوى رقم: 93487.
نعم، قد يكون له حق في ظلمك له بتأخير حقه، وإن وفيته إياه، فينبغي كذلك أن تتحللي منه.
فإن عجزت عن ذلك: فيُرجى أن يتحمل الله جل وعلا عنك حقه، إذا صدقت في التوبة، والإنابة إليه سبحانه، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقد اختار بعض العلماء - كابن القيم، وابن عثيمين - أن القاتل إذا تاب، وصدق في التوبة، فإن الله يتحمل عنه حق المقتول، ولا شك أن القتل أعظم ظلم في حق المخلوق.
وأما إن تنازل عن المبلغ لك، وطابت نفسه بذلك: فلك أن تتصرفي فيه بما ترين من تملّكه، أو التصدق به.
والله أعلم.