السؤال
قال تعالى في سورة البقرة: "مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً" فما الفرق بين استوقد وأوقد في الدلالة والبلاغة - جزاكم الله خيرًا -؟
قال تعالى في سورة البقرة: "مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً" فما الفرق بين استوقد وأوقد في الدلالة والبلاغة - جزاكم الله خيرًا -؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أهل العلم قد اختلفوا في استوقد: هل هي موافقة في المعنى لأوقد؟ وهذا هو الراجح، وقيل: إنها تدل على الطلب، كما قال أبو حيان: والأصل في صيغة استفعل أن تدل على الطلب، من ذلك قوله عز وجل: وإياك نستعين {الفاتحة:5} فالاستعانة هنا هي طلب المعونة من الله سبحانه، ومن هذا القبيل قوله عز وجل: واستعينوا بالصبر والصلاة {البقرة:45} ولكنها قد تأتي أحيانًا بمعنى أفعَلَ، كأجاب واستجاب، من ذلك قوله تعالى: فاستجاب لهم ربهم {آل عمران:195} فاستجاب هنا بمعنى: أجاب، كما في قوله عز وجل: فاستجاب لهم ربهم، أي: أجاب دعاءهم، ومن ذلك قوله عز وجل: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا (البقرة:17)، فاستوقد، هنا بمعنى أوقد، حكى أبو زيد: أوقد واستوقد بمعنى، وعلى وَفْق هذا جاء قوله عز وجل: إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا {آل عمران:155} فقوله: استزلهم، بمعنى: أزلهم الشيطان، فيدل على حصول الزلل، ويكون استزل وأزل بمعنى واحد، كقوله تعالى: فأزلهما الشيطان عنها {البقرة:36}على أحد تأويلاته، ومن هذا الباب أيضًا قوله عز من قائل: كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران {الأنعام:71} فاستهوته هنا من الهويِّ، أي: ألقته في هُوَة، وجعلته يتقبل ما تريد، واستولت عليه، دون أن يكون لديه أي دليل، أو حجة على صحة ما تدعوه إليه بأن صار عجينة تشكله الشياطين كما تشاء، ومنه أيضًا قوله سبحانه: لا يستنقذوه منه {الحج:73} فاستنقذ ـ استفعل بمعنى أفعل أي: أنقذ، ويقال مثل ذلك في قوله سبحانه: سحروا أعين الناس واسترهبوهم {الأعراف:116} أي: أرهبوهم، وقوله تعالى: واستعمركم فيها{هود:61} أي: أعمركم فيها، بمعنى أسكنكم فيها، وقوله عز وجل: فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به {التوبة:111} أي: أبشروا.
وإذا كان استفعل هنا دالة على الطلب: فالفرق واضح.
وأما اذا كانت ليست للطلب: فقد ذكر أهل العلم أن الزيادة في المبني تدل على زيادة في المعنى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني