السؤال
أنا مقبل على الزواج، وأمي لا تريد أن أتزوج من الفتاة التي أريدها، ويشهد الله تعالى على حسن أخلاقها وصفاتها الحميدة، ولكن أمي تريدني أن أحلف أنني لم أكلمها من قبل، وبغير ذلك فلن يتم الزواج، ولا شيء بيدي إلا أن أحلف اليمين، فما هي الكفارة؟ ويعلم الله ويعلم الله أنني أهاب اليمين مهابة عظيمة، ولكن ما باليد حيلة إلا أن أحلف اليمين؛ لكي ترضى أمي، ومن ضمن ما قرأت أنها تجوز في حالات الضرورة القصوى، والتي لا تقع بها مظلمة على أحد.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من المعلوم عند المسلم أن الكذب حرام، والحلف عليه أشد حرمة؛ لذلك فإذا كنت قد كلمت هذه الفتاة: فلا يجوز لك أن تحلف على أنك لم تكلمها؛ لأن الحلف على الكذب دون ضرورة من كبائر الذنوب، وهي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، أو في النار ـ والعياذ بالله ـ إلا أن أهل العلم قد أجازوا الكذب لأجل تحصيل مقصود شرعي لا يمكن تحقيقه إلا بالكذب؛ لذلك فإذا كنت مضطرًّا للزواج من هذه الفتاة، وتخشى الوقوع فيما لا يرضي الله إذا لم تتزوجها، وأصرت أمك على أن تحلف لها: فيجوز لك أن تحلف لها على أنك لم تكلمها، ولا حرج عليك في ذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ وانظر الفتوى رقم: 178055، وما أحيل عليه فيها.
ولكن يمكنك أن تستغني عن الكذب هنا والحلف عليه؛ وذلك باستعمال التورية والمعاريض، فيجوز للمسلم إذا احتاج إلى عدم الإخبار بالحقيقة في مسألة أن يستغني عن الكذب فيها باستعمال التورية والمعاريض، وهي سوق الألفاظ العامة التي يفهم منها المخاطب غير ما يقصده المتكلم، شريطة ألا يتعلق بها حق للغير تكون التورية مانعًا من استيفائه، فقد قال عمر رضي الله عنه: أما في المعاريض ما يكفي المسلم الكذب. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
لذلك يمكنك أن تحلف لأمك على أنك لم تكلمها، وتقصد: أنك لم تكلمها اليوم، أو أمس ... مثلًا، وانظر الفتوى رقم: 1126. هذا، وننبه هذه الأم وأمثالها إلى أنه لا ينبغي للمسلم أن يحرج ابنه أو أخاه؛ حتى يلجئه إلى الكذب.
والله أعلم.