السؤال
لله الحمد والشكر أنا حامل للمرة الخامسة، وفي الحمل السابق- سبحان الله- ماتت الخلايا المكونة للجنين، ولكن سبحان الله بعد 15 يوما عادت للعمل، ورزقت بتوأم. وفي هذه المرة بعد معرفة حملي بأسبوع، حدث لي تسقيط من عند الله، وتأكد تماما حسب تحاليل الدم. وعندما ذهبت للطبيبة لأعمل التنظيف كانت المفاجئة أنني ما زلت حاملا، وزوجي كل مرة يصر على إجهاضي للجنين، ولم أستمع له.
فما حكم الدين في زوجي؟
وتكملة لسؤالي: كنت غير مواظبة على الصلاة، ولكنى ملتزمة في مظهري بالحجاب الفضفاض تلبية لرغبة زوجي، وعند عمر ال40 أي الآن واظبت وبجدية؛ حتى إنني أصلي قيام الليل، والفجر في وقته ولله الحمد. وأثناء صلاتي لقيام الليل دعوت الله أن يسامحني، ويرزقني المال الوفير، ويجعلني أصرفه في الخير كمتع الدنيا، وعمل الخير للمحتاجين، وأن يرزقني الذرية الصالحة، أي حملا خامسا؛ لأنني أحب الأولاد جدا. ولله الحمد لدي 4 بنات، وولد، وأربيهم على الدين بقدر المستطاع، والحمد لله تربيتهم أفضل تربية بالنسبة لأبناء جيلهم- هداهم الله هم وأمثالهم- وأنا ولله الحمد في خير لكل من احتاجني كمساعدة جسدية أكثر من المادية، نظرا لظروفي الاقتصادية، ولكني أتصدق شهريا من مصروف بيتي.
فهل معنى حملي هذا أن الله قد رضي عني، وغفر لي ذنبي، وأن الله سوف يفتح لي باب رزق وفير؛ لأن لدينا ميراثا كبيرا تابعا لأمي، ولكن كانت به مشاكل مع الحكومة، ولكن في نفس هذا الشهر أيضا بدأت بشارة برد الحق .
سؤالي هذا لأن زوجي وللأسف لا يحب تحمل المسؤولية، فيخيفني ويقول: لن نجد ما ننفق به. وهل ما حدث في الحملين الأخيرين تنبيه وإنذار لزوجي لإصراره على التسقيط من ثاني حمل، علما بأنني الحمل الثالث والرابع والخامس كانوا على الوسيلة، والطفل الثالث أعطانيه الرسول صلى الله عليه وسلم في منامي.
جزاكم الله خيرا عنا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالإجهاض خشية الفاقة محرم شرعا؛ وانظري الفتوى رقم: 8781 ، ولا يجوز للزوجة طاعة زوجها في الإجهاض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لبشر في معصية الله. أخرجه أحمد، وصححه الألباني. وراجعي الفتوى رقم: 200177 .
والرغبة عن الإنجاب خشية الفقر، وعدم تحصيل النفقة، من سوء الظن بالله عز وجل، وقد قال سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ {الأنعام:151}. وقال سبحانه: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ {الإسراء:31}، وراجعي في هذا الفتوى رقم: 166767 .
وإجابة دعاء العبد قد يكون كرامة من الله لتقواه وصلاحه، وقد يكون استدراجا له، فمجرد إجابة دعاء العبد وإعطائه سُؤْله، ليس دليلا على كرامته ورضا الله عنه؛ فلذا يجمع المؤمن بين الرجاء والخشية. فيرجو أن تكون إجابة الدعاء إكراما من الله له، فيحمد الله ويشكره، ويزداد عبودية له، وفي الوقت نفسه يَفْرَق أن تكون استدراجا، فيلزم التوبة والإنابة، ولا يعجب بنفسه وحاله. وانظري الفتوى رقم: 217456 .
وإجابة دعاء العبد في مسألة ما، لا تقتضي إجابته في جميع ما يدعو به، وعلى العبد أن يحسن ظنه بالله في كل حين، ويرجوه سبحانه أن يجيب دعاءه، وأن يتجافى عن القنوط والاستعجال في الدعاء، وأن يعلم أن استجابة الدعاء لا تعني إعطاء الداعي عين ما سأل، أو أن يجاب في الوقت الذي عينه في دعائه، بل استجابة الدعاء تكون بإحدى ثلاث وردت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذاً نكثر، قال: الله أكثر. رواه أحمد وصححه الحاكم.
قال ابن القيم: ومن ظن به أنه إذا صدقه في الرغبة والرهبة، وتضرع إليه، وسأله، واستعان به، وتوكل عليه، أنه يخيبه، ولا يعطيه ما سأله، فقد ظن به ظن السوء، وظن به خلاف ما هو أهله. اهـ.
وقولك: (وهل ما حدث في الحملين الأخيرين تنبيه وإنذار لزوجي لإصراره على التسقيط من ثاني حمل،) فلا يستطيع أحد أن يجزم في هذا الأمر بشيء.
وأما قولك: (والطفل الثالث أعطانيه الرسول صلى الله عليه وسلم في منامي) فلا ندري ما مرادك به على وجه التحديد، لكن الذي يجب على كل مسلم اعتقاده أن الله عز وجل وحده هو الذي يهب الذرية، كما قال تعالى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ {الشورى:49}،{الشورى:50}، ولعلك تقصدين أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرك به في منامك.
والله أعلم.