السؤال
لديّ ماعز، وأود أن أغير النسل، فاستأذنت من عامل أغنام جاري بأن تبقي عنده واحدة من غنمي؛ لوجود فحل عنده من نسل جيد، فوافق، مع العلم أن صاحب الشأن ليس لديه علم، فهل يجوز ذلك أم لا؟
لديّ ماعز، وأود أن أغير النسل، فاستأذنت من عامل أغنام جاري بأن تبقي عنده واحدة من غنمي؛ لوجود فحل عنده من نسل جيد، فوافق، مع العلم أن صاحب الشأن ليس لديه علم، فهل يجوز ذلك أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن الراعي وكيلًا عن صحاب الأغنام في التصرف فيها، فالظاهر أنه لا يجوز أن تلقح من الفحل دون إذن صاحبه، إلا إن جرى العرف بالمسامحة في ذلك، وورود النهي عن بيع عسب الفحل، لا يقتضي جواز التلقيح دون إذن صاحب الفحل.
وأما على قول من يجيز بيع عسب الفحل، أو إجارة الفحل للضراب: فإن منع التلقيح دون إذن ظاهر، جاء في المغني لابن قدامة: وبيع عسب الفحل غير جائز، عسب الفحل ضرابه، وبيعه أخذ عوضه، وتسمى الأجرة عسب الفحل مجازًا، وإجارة الفحل للضراب حرام، والعقد فاسد، وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وحكي عن مالك جوازه، قال ابن عقيل: ويحتمل عندي الجواز؛ لأنه عقد على منافع الفحل، ونزوه، وهذه منفعة مقصودة، والماء تابع، والغالب حصوله عقيب نزوه، فيكون كالعقد على الظئر؛ ليحصل اللبن في بطن الصبي، ولنا ما روى ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى عن بيع عسب الفحل. رواه البخاري، وعن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ضراب الجمل. رواه مسلم، ولأنه مما لا يقدر على تسليمه، فأشبه إجارة الآبق، ولأن ذلك متعلق باختيار الفحل، وشهوته، ولأن المقصود هو الماء، وهو مما لا يجوز إفراده بالعقد، وهو مجهول، وإجارة الظئر خولف فيه الأصل لمصلحة بقاء الآدمي، فلا يقاس عليه ما ليس مثله، وفيه: ولا تجوز إجارة الفحل للضراب، وهذا ظاهر مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي، وأبي ثور، وابن المنذر، وخرج أبو الخطاب وجهًا في جوازه؛ لأنه انتفاع مباح، والحاجة تدعو إليه، فجاز كإجارة الظئر للرضاع، والبئر ليستقي منها الماء، ولأنها منفعة تستباح بالإعارة، فتستباح بالإجارة، كسائر المنافع، وهذا مذهب الحسن، وابن سيرين، ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل. متفق عليه، وفي لفظ: نهى عن ضراب الجمل. ولأن المقصود الماء الذي يخلق منه الولد، فيكون عقد الإجارة لاستيفاء عين غائبة، فلم يجز، كإجارة الغنم لأخذ لبنها، وهذا أولى، فإن هذا الماء محرم لا قيمة له، فلم يجز أخذ العوض عنه، كالميتة، والدم، وهو مجهول، فأشبه اللبن في الضرع. اهـ.
والحاصل أنه إذا لم يجر العرف بالمسامحة في ذلك، ولم يكن الراعي مخولًا بالتصرف في ذلك، فلا يجوز التلقيح إلا بإذن صاحب الفحل.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني