السؤال
قرأت في موقع أن الغرب قاموا بدراسة علمية على أفراد مؤمنين بديانة وأفراد ملحدين، فاستنتجوا أن الملحدين أو الإنسان الذي لا يؤمن بشيء أذكى من الذي يؤمن بشيء, فقمت بالحديث عن هذه الدراسة لشخص وقلتُ بأن نتائج هذه الدراسة صحيحة ومنطقية, فعاب علي قولي هذا لكنني عللت له بعد ذلك كلامي بقولي إن الدراسة أصلا تم تطبيقها على أفراد مؤمنين بديانات فاسدة، فمن المنطقي أن يكون فكرهم وقدراتهم أقل من غيرهم، لأن تفكيرهم تسيطر عليه الشبهات والكفريات، لكن لو أنهم قاموا بالدراسة على مسلمين لأعطت نتائج مختلفة، فهل في قولي هذا ما يعاب؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نحتاج بداية إلى التوثق من هذه الدراسة، ومعرفة أحوال من قامت عليهم الدراسة من حيث الديانة، ومن حيث الثقافة ومستوى التعليم، ومن حيث الخبرة والتجربة، وغير ذلك مما يؤثر على مستوى الذكاء! وعلى أية حال، فتعيين معنى الذكاء يمكن أن يكون منطلق الإجابة، ومعناه ـ كما في المعجم الوسيط: القدرة على التحليل والتركيب والتمييز والاختيار وعلى التكيف إزاء المواقف المختلفة. اهـ.
وهذا المعنى، قد يكون بعض الكفار من الملحدين أو الوثنيين أو المشركين أكثر حظا فيه من بعض المؤمنين الصلحاء! فذكاء العقول غير زكاة النفوس، فليس كل ذكي زكيا، وكذلك ليس كل زكي ذكيا، وليست الدنيا دار جزاء ليحصل التمييز فيها على مقتضى الإيمان، وإنما يحصل ذلك في الآخرة، ولا يخفى أن أحوال الناس في الدنيا ليست معتبرة، فإنها هينة على الله ولا تساوي عنده شيئا، فعن سهل بن سعد قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فإذا هو بشاة ميتة شائلة برجلها، فقال: أترون هذه هينة على صاحبها؟! فوالذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على صاحبها، ولو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة أبدا. رواه ابن ماجه والترمذي، وصححه الألباني.
ولذلك، ينفي القرآن العقل عن الكفار، لكونهم لم ينتفعوا به في آخرتهم، وإن وصلوا به في أمور المعاش في الدنيا إلى منزلة بعيدة، وراجعي في هذا المعنى الفتوى رقم: 66474.
والله أعلم.